لا علاقة بين الانهيار الحاد فى فريق كرة القدم فى الزمالك فى عام 2009 وبين مباراة القمة ضد الأهلى مساء اليوم فى ملعب القاهرة الدولى فى المرحلة الثانية عشرة للدورى الممتاز.. ومهما كان الزمالك منهارا أو خاسرا يبقى لمباراة القمة أجواؤها وظروفها ومفاجآتها.. ويمكن للزمالك وهو متهالك أن يفوز على الأهلى.. وتزداد الفرصة هذه المرة بسبب النقص الحاد فى صفوف الأهلى بسبب الإصابات.
هذه المقدمة الفنية، حتى لا يعتقد البعض أن لقاء القمة يغير كل شىء.
وفوز الزمالك على الأهلى أو هزيمته لن يغيران من الواقع المرير الذى يعيشه الزمالك فى كرة القدم فى 2009.
الحال المايل للزمالك جزء من حال البلد.
والأحداث المؤسفة والمتتالية بانتظام غريب فى الزمالك، تمثل نموذجا مصغرا لما نراه بصفة متتالية ومنتظمة أيضا فى قطاعات كثيرة فى مصر على مرأى ومسمع من الجميع.
والأمر الأكثر إثارة للاستفزاز فى الزمالك كما هو فى مصر هو إهدار الطاقات والمهارات الموجودة بوفرة.. وعدم استغلال القدرات البشرية الداعمة للجانبين ولدى مصر أكثر من 80 مليون نسمة وللزمالك الملايين من الأنصار.
ولنبدأ معا فى تعداد أوجه الشبه بين الأخطاء الموجودة فى الجانبين.. وأولها غياب العدالة، لأن المناصب العليا والمكافآت والرواتب والأموال مقصورة فى بلدنا على فئة محدودة من الأشخاص القريبين من السلطة ورجال الأعمال.. والصعود إلى تلك المنطقة المخصصة للصفوة والحظوة ممنوع على أولاد البلد، حتى لو كان الغلبان أمهر وأشطر وأذكى ألف مرة من أولاد البهوات.
وفى الزمالك لا عدالة بين اللاعبين فى العقود والرواتب والمكافآت والعقوبات.. وبينما يتقاضى البعض عشرة ملايين جنيه سنويا، لا يأخذ زميله الذى يلعب بصفة أساسية أكثر من ربع مليون جنيه سنويا.. وفى الوقت الذى يأتى لاعب أجنبى محدود المستوى مثل الغانى أجوجو بأكثر من عشرة ملايين جنيه، لا يحصل نجم موهوب مثل شيكابالا على عشر المبلغ المقرر لضعيف الموهبة أجوجو.
والمناصب فى الإدارة والأجهزة الفنية لها معايير خاصة فى الزمالك، كما هو الحال فى المناصب العليا فى المؤسسات والهيئات فى مصر.. ولابد أن تكون قريبا أو مخلصا لرئيس النادى أو الوكيل أو أحد أعضاء مجلس الإدارة، لتحصل على مكان مميز داخل النادى ولكى تتقاضى راتبا عاليا.. والأمر فى الوزارات والشركات الحكومية على نفس النحو لأهل الثقة، وليس لأهل الخبرة والكفاءة.
وفى مصر يجلس الأوائل والمتفوقون علميا فى منازلهم، أو يتجهون لأعمال بعيدة عن تخصصاتهم، ليتمكنوا من الحصول على لقمة العيش، بينما يجد أبناء الأساتذة الجامعيين أمكانهم محجوزة فى هيئة التدريس فور تخرجهم.. ولا يعمل أبناء الوزراء إلا فى شركات خاصة أو أجنبية، والبداية عندهم تكون من منصب المدير على الأقل. وفى الزمالك ليس مهما أن تكون موهوبا لتلعب أساسيا أو ليتم قيدك فى الفريق.. والأهم أن تكون مخلصا للإدارة أو للمدرب أو أن تكون ناقلا للأخبار وجاسوسا لأحد المسئولين. ومن الممكن أن تجد موهوبا كبيرا معطلا عن العمل أو جالسا فى منزله أو احتياطيا بينما نرى فى الملعب عددا من أنصاف الموهوبين.
ومع اختفاء أو توارى المواهب والكفاءات، أصبح للجهل مكان مميز فى مراكز هامة ورئيسية متفرقة على الجانبين. وعمليات استقدام اللاعبين للفريق الأول فى الزمالك، تعكس الجهل والفوضى والفساد.. ونصف اللاعبين الذين استقدمهم الفريق فى السنوات الستة الأخيرة ،لم يستفد بهم على الإطلاق.. ويسعى كل مسئول فى مجلس الإدارة إلى الظهور بقوة فى الأضواء عند استقدام أى لاعب ،بل يواصل دوره بالضغط على الأجهزة الفنية لإشراكه حتى ولو كان ذلك على حساب نجم أبرز وأمهر.
والفساد لا يقف عند تلك الحدود، ولكنه يتجاوزها إلى استغلال المكان والمنصب فى تحقيق فوائد شخصية، سواء فى العمل الخاص أو لصالح الأهل والأقارب.. وللحق هذا العيب وهو ورث مصرى أصيل- وهو منتشر بكثافة فى كل الأندية والاتحادات والمؤسسات والهيئات والشركات بنسب متفاوتة.
ولكنه يظهر بصورة أكبر وأوضح فى الزمالك عنه فى الأندية الأخرى. ولا جديد إذا أشرنا لغياب العمل الجماعى نهائيا عن الزمالك كما هو شأنه فى أغلب القطاعات فى مصر.. وكل شخص فى إدارات الزمالك المتتالية يعتقد أنه الأقدر والأفضل والأكثر حبا وإخلاصا للنادى من بقية زملائه فى الإدارة.
الأعجب أننا فى مصر نعشق الشكوى والشعور بالظلم والإحساس بالاضطهاد والقهر.. وهى أمور متفجرة بشكل زائد فى نادى الزمالك لاسيما على صعيد كرة القدم.
وفى ظل تلك الأوضاع المتردية، لا ينصلح حال الزمالك برحيل مجلس إدارة، وقدوم مجلس آخر.. ولا بطرد أو إقالة مدرب واستقدام مدرب آخر، سواء كان عالميا أو محليا.. والتعاقد مع نجم كبير لا ينقل الفريق من مستوى متدن إلى قمة مضيئة، لأن النظام غائب والانضباط ضائع والمعايير مفقودة.
إصلاح الزمالك يحتاج عناصر وأمورا وتغييرات، شديدة الشبه بما تحتاجه دولة مصر للنهوض من عثرتها.
ولكن الإصلاح فى الزمالك أسهل كثيرا.
فقط ارجعوا إلى النظام والانضباط والمعايير.
ولكن الكلام سهل والتنفيذ يبدو.. (م.. س.. ت.. ح.. ى.. ل.. ا.).
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة