"هى فوضى".. بجد.. وليس على سبيل الهزار أو التهويل أو المبالغة أو المجاز، فوضى يشترك فيها رؤساء الصحف القومية الذين يأمرون الصحافيين العاملين تحت رئاستهم بالذهاب إلى صناديق الانتخابات يوم الأحد القادم لانتخاب الصحفى الكبير مكرم محمد أحمد نقيباً للصحافيين، فوضى تخول لكل رئيس مؤسسة صحفية أنه يمتلك أصوات مرؤوسيه ويتحكم فيها، فوضى تجعل السادة الأساتذة الكبار يتخيلون أن مؤسساتهم الصحفية "عزبة" يديرونها كيفما يريدون، ولحساب من يشتهون، ناسين أن المال مال الشعب، وأن رسالة الصحافة الأسمى هى التعبير عن جميع أطياف البلد بأمانة وحيادية بلا تحيز أو محسوبية، فكيف يطلبون من الصحافيين بالأمر المباشر أن يدعموا أحداً، وكأن الانتخابات "مهمة عمل" على الصحفى أن ينفذ فيها تكليف رؤسائه له، وهذه التصرفات غير المسئولة تعبر عن مدى استهانة "الأساتذة الكبار" رؤساء تحرير الصحف الحكومية بـ"صحفييهم" خاصة و"الصحافة" عامة، كما تعبر عن مدى استخفافهم برسالتهم الصحفية التى من المفترض أن تكون تنويرية، بجعلها رسالة "تعمية" لمن يفترض فيهم الاستنارة، وأغلب الظن أن السحر سينقلب على الساحر، وأن هؤلاء الصحفيين يدركون تماماً أنهم ليسوا أدوات فى أيدى رؤسائهم مهما كانت المحفزات أو التهديدات.
أغرب هذه التصرفات التى تستوجب محاكمة عاجلة وتحقيق واجب من النائب العام هو الذى أتى به رئيس "وكالة أنباء الشرق الأوسط" فى التقرير المنشور فى اليوم السابع منذ ساعات، وفيه كشف اليوم السابع عن تجاوز عبد الله حسن رئيس الوكالة وإساءة استخدام سلطاته ووضعه لمخصصات مؤسسته الحكومية تحت تصرف مكرم محمد أحمد أحد المرشحين لمنصب النقيب، والمشهور بكونه "مرشح الحكومة" وجاء فى التقرير أن عبد الله أمر مراسلى الوكالة المنتشرين فى بلاد العالم بسرعة الرجوع إلى مصر للمشاركة فى انتخاب نقيب الصحافيين، وذكر نصاً أن سبب استدعائهم هم "للعمل جميعاً على انتخاب الأستاذ مكرم محمد أحمد" مع العلم أن الخطاب المرسل لجميع المراسلين ذكراً نصاً أن جميع تكاليف الذهاب والإياب والسفر وبالطبع بدل السفر مدفوعة مسبقاً مما يعد تجنياً صارخاً من جانب رئيس الوكالة وإساءة لاستخدام السلطات، وتبديد أموال دافعى الضرائب فى معارك شخصية مدفوعة بانتماءات سياسية لا تفيد إلا أصحابها، وهذا يدل على أننا فى "فوضى حقيقية".
تصرفات رؤساء المؤسسات الصحفية الحكومية عامة ورئيس وكالة أنباء الشرق الأوسط خاصة تجاه دعم مرشح ضد آخر، تستوجب "محاكمة" من الرأى العام أولاً ومن نقابة الصحفيين ثانياً، ومن النائب العام ثالثاً، فكيف يثق الرأى العام بحيادية صحفى وهو يعلم أن رؤساءه يريدونه "عبد المأمور" وكيف لا تحاسب "نقابة الصحافيين" من يستهين بأعضائها ويعاملهم كـ "مأجورين" مكلفين بمهام انتخابية؟! وكيف تصدق الناس "الصحافة" وهى تعلم أن القائمين عليها "مسيسين" يأمرون فيطيعون، وكيف يتخيل رئيس مؤسسة أن مخصصاته الحكومية ملكا له يتصرف فيها كيفما يشاء؟ وهذا السؤال الأخير أتوجه به للنائب العام؟ وأدعو كل المنظمات الحقوقية ومؤسسات المجتمع المدنى أن تشاركنى فى توجيه هذا السؤال.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة