مواجهة غريبة بين مجموعة من الشبان أسمهم الألتراس والأمن، يمكن ما تنتهيش على خير ولا شر.. ولا حتى غيرهم ، لأنها مواجهة بدون تخطيط ، ولا أسباب موضوعية.
بكل تأكيد غابت الموضوعية، لأن الأب عندما يطلق الرصاص على ابنه لمجرد أنه غلط.. يبقى على الدنيا السلام، وحتى لو الدنيا مش منتهى همنا.. لازم نعرف أن الموضوع يمكن أن يتطور ويصبح حرباً أهلية وزملكاوية وإسمعيلاوية والتراسيين غيرهم كتير كتير كتير!
المصيبة أن هذه الفئة من الشبان رفضوا الخضوع والجلوس للطم الخدود والنواح على المستقبل المفقود، فوجدوا ضالتهم فى استيراد طريقة تشجيع كروية تمارس فى بلاد أكثر تقدماً منا، برغم شماريخ الألتراس التى سببت الرعب لحراس الأمن، لأن احتياطيات الدفاع المدنى والأمن والسلامة غائبة، ومستبدلة فى أفضل الظروف بجرادل رمال "وكوذلوك"، يعنى حذاء بوت برقبة لرجال الأطفاء، بالإضافة لغياب أى نوع من التسلية فى الملاعب، فلا توجد كافيتريات ولا حتى حمامات آدمية.
وقبل ما نناقش الألتراس.. عايزين نوضح أنهم لا سمح الله مش هما اللى حرقوا مسرح بنى سويف، ولا حتى المسرح القومى اللى جنب مطافى العتبة اللى اشتراها المرحوم إسماعيل ياسين! شماريخ الألتراس بريئة من حرائق كل أجيال (فئران) السبتية والغورية، وما يستجد .. مش كده. واللى مش عارف، نقول له إن الشماريخ تضرب فى استادات الدورى الفرنسى ونظيره الإيطالى، لكن بطبيعة الحال عناصر الآمان موجودة، التوعية قائمة لفرض طريقة الاستمتاع بالشماريخ .. آى والله.
المهم لازم نعرف أن البطالة، وعدم وجود نشاط سياسى، وقبله رياضى، فى المدارس أو الجامعات، ومع إلغاء حصص الموسيقى والتربية الزراعية والبدنية والنفسية، لصالح مناهج الثانوية.. والست سنية.. هى أهم أسباب "الترسة" الشباب . وللعلم لازم نعرف أن الشباب ده كنا أكثر فخراً به فى دورة 2006 أمم أفريقيا اللى نظمناها فى المحروسة، وأذهلنا العالم اللى أحنا منه على الأقل، بما قدمه هؤلاء الشبان من لون جديد من التشجيع فى حب مصر بكل الألوان، وعلى فكرة البطولة دى حضرتها الأسرة المصرية بعد غياب عن الملاعب الكروية.
ولم تشكو الأسر من "الألتراسيين" لأنهم مجرد شباب يلهو وقت اللهو اللى هو مباراة كرة قدم، يعنى ما حدش ضرب شمروخ فى فصل دراسى، ولا مدرج جامعى، ولا فناء مستشفى من اللى اتحرق فيه الأطفال بدون شماريخ الألتراس.
الأمن كان حكيماً رغم اندفاعه الأول ضد الألتراس بعد الحملة الدعائية المعادية لهؤلاء الشباب، والقبض على بعضهم قبل مباراة القمة بين الأهلى والزمالك، لكن يذكر لوزير الداخلية اللواء حبيب العادلى، واللواء إسماعيل الشاعر ورجاله فى أمن القاهرة، تدارك الأمر فوراً، بعدما كشفوا حجم مبالغة "المرشدين" عن الألتراس. أما ما يهمنا، فهو حالة الخوف التى حلت بديلاً للحوار مع هؤلاء الشباب حتى لو كانوا مخطئين.
لكن مين يا عم يحاور مين؟!!، العيال تعبانين ومش لاقيين مُثل عليا ولا بارقة أمل فى مستقبل أفضل.. ولا يعرفون بالضبط ماذا يفعلون أو يؤدون من واجبات، ليحصلوا على ما يتمنوا من حقوق؟! والأخطر أن حلم كأس العالم 2010 يبدأ من التواجد الجماهيرى فى استاد القاهرة، الذى يسميه منافسونا الكرويون "مقبرة الرعب الكروية المصرية".. فكيف نصل لجنوب أفريقيا، ونحن نفتقد لأهم سلاح، ألا وهو أن "تزأر" الجماهير، داعمة لمنتخبنا الوطنى، لتصبح اللاعب رقم واحد فى الفريق.
أمامنا فسحة من الوقت لإعادة الاطمئنان للأسرة المصرية الصغيرة على أولادها "الألتراسيين".. حتى لا يمنعوهم من الوقوف خلف الأسرة الكبيرة مصر للوصول لحلم كأس العالم 2010.. وإلا فيمكن أن نؤكد من الآن أن مديرية منع الجماهير التراسية أو غيرها، كأنها تخطط أو تبحث عن طريقة للإخفاق لتصفى حسابات مع آخرين.. تقول لهم، اذهبوا إلى الجحيم ولا تصفوا حساباتكم على حساب مصر.. وده مش كلام كبير ولا حاجة، دى حقيقة يمكن لمن يدركها أن يدافع عنها بكل قوة.
أما من يريدون إطلاق الرصاص على الألتراس، فعليهم أولاً أن يحاسبوا أنفسهم على ما قدموه للشباب.. وأن يطلقوا رصاصهم فى نفس الوقت على الفراغ القاتل، والبطالة، قبل أن يطلقوا رصاصة الرحمة على رؤوسهم اللى... ولا بلاش أحسن. لمعلوماتكم كان يمكن لهذه الفئة الكبرى من الشبان أن تسلك اللهو والمجون ودخول عوالم الجريمة والمخدرات، لكنهم اختاروا تحدياً أكبر ووجدوا أنفسهم فى عالم الكرة، وده كويس جداً يا أهل الخير.. ربنا يكفيكم شر البلاوى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة