د. محمد مورو

وزير تعليم من كوريا

الأربعاء، 11 فبراير 2009 08:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المشروع الذى يبشر به وزير التعليم المصرى الدكتور يسرى الجمل، حول التقييم الشامل للطلاب، على أن يبدأ ذلك فى عام 2010/ 2011 هو كلام جميل جداً، وتربوى إلى أقصى مدى، فمما لا شك فيه أن تقييم الطالب بناء على الحضور والغياب والأنشطة ورأى المدرس فى حدود 50% هى دعوة للانضباط، ولكن إذا فشل الوزير فى بناء ضمير حقيقى للمدرس والناظر، وإذا فشل فى تحقيق الشفافية فى هذا الموضوع، فإنها فى الحقيقة ستقود إلى كارثة بكل ما للكلمة من معنى.

وبداية علينا أن نعترف جميعاً، كوزارة للتربية والتعليم وكمدارس وكأولياء أمور وكمجتمع عموماً، أننا فشلنا فى منع الدروس الخصوصية، وأياً كان السبب سواء ذلك لأن المدارس لا تعمل بصورة صحيحة، مما يجعل الحاجة إلى الدروس الخصوصية حاجة حيوية للطلاب، أو كان ذلك بسبب طمع بعض المدرسين وعدم اقتصارهم على مرتباتهم لأنها لا تكفى، وحتى لو كانت تكفى وتزيد فسيظل هناك من هو طماع يريد المزيد، أو لغيرها من الأسباب فإن الحقيقة أن كل الإجراءات فى هذا الصدد قد فشلت، وما دام هناك دروس خصوصية، فإن إعطاء المدرس والناظر سلطة تقدير 50% من الدرجات يجعل الأمر مباشرةً دعوة لاحتكار مدرس الفصل لتلك الدروس، أى جعلها نسبة إجبارية دون حتى أن نعطى الطالب فرصة للذهاب إلى مدرس آخر أكفأ، لأن الدرجات بيد مدرس الفصل، وإذا كان الأمر كذلك فإن هذا يعنى استعباد الطلاب لصالح المدرس حتى لو لم يكن كفئاً، وسيقول سيادة الوزير أن الوزارة سوف تقوم بالمراقبة وهذا كلام لا يصدقه أحد، لأن الوزارة لو كانت قادرة أصلاً على المراقبة وإلزام المدرسين بالواجب لما كان حدث تسرب فى التعليم، ولما كان حدث دروس خصوصية أصلاً، وهكذا فنحن أمام مقامرة تحت دعاوى التربية والنظريات الحديثة فى التربية ومواكبة التطور العالمى وغيرها من العناوين الجاهزة التى هى صحيحة فى المطلق، ولكنها خاطئة بالنظر إلى الظروف الموضوعية التى يعيشها كل من الطالب والمدرس وولى الأمر.

لابد أن يدرك الوزير أنه ليس من كوريا وأنه من مصر، وأن الظروف التى هو غير مسئول عنها بالطبع تحتم عدم إعطاء سلطة تقدير درجات الطالب إلا للجنة امتحان فيها السرية المطلقة وتكافؤ الفرص، وحتى لو كان هذا أمراً غير تربوى، فإن سلبياته أقل من سلبيات تحكم المدرس فى الطالب ومن ثم ندفع أولياء الأمور إما إلى دفع المطلوب تحت اسم الدروس الخصوصية، أو الذهاب إلى مدرسة خاصة سوف تعطى درجات معقولة للطالب لأنه يدفع أصلاً.

ومرة أخرى فإن الخيار بين نظام وآخر يعتمد أولاً وأخيراً على الظروف الموضوعية، وليس لمجرد أن هذا نظام أفضل من ذلك فى المطلق، لأن عدم مراعاة الظروف الموضوعية سيؤدى بالضرورة إلى كارثة.

الأمر نفسه بالنسبة لامتحان القبول بالكليات، هذه دعوة للوساطة، وإن كان ولابد من امتحان، فليعقد هذا الامتحان تحت إشراف كامل كما هو امتحان الثانوية العامة الآن. وفى عموم الأمر فإن الاضطراب واستمرار التغيير فى ظروف بلد مثل مصر هى تحميل للأمور أكثر مما تحتمل، وبصراحة، فإن الناس قد وصل بها الضيق وسوء الحال ما لا يحتمل المزيد من تجارب السادة الذين لا يزالون يعيشون فى برج عاجى ولا يعرفون متاعب الناس.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة