حمدى الحسينى

السب..بالإنابة!

الأربعاء، 18 فبراير 2009 10:45 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كأنى نكأت جرحا غائرا فى الجسد العربى المريض، فبمجرد نشر مقال أبناء "وكر العصفور" الذى تحدثت فيه عن أغانى فرق "الراب" السعودية التى تسخر من المصريين..توالت ردود الأفعال من تعليقات واتصالات ومراسلات، أجمع أصحابها على ضرورة الاستمرار فى طرح قضية "احتقان" بعض العرب ضد المصريين للنقاش.

وحتى لا نظلم فرق "وكر" العصفور صاحبة الطلقة الأولى فى الإعلان عن المشاعر السلبية لشريحة من الشعب السعودى تجاه أشقائهم المصريين، فقد لفت انتباهى أحد الأصدقاء إلى أن هناك غليانا ينتشر بسرعة بين بعض الأخوة الليبيين ضد المصريين أيضا، واتضح أن الشباب السعودى ليس وحده الذى يضمر مشاعر غير ودية تجاه المصريين.

إذا كنت أتفهم دوافع "الغطرسة" التى أظهرتها أغانى الهواه السعوديين..فإن الأمر بالنسبة للأخوة الليبيين غير مفهوم، حيث تبين لى أن غرف الدردشة وأجهزة النقال الليبية زاخرة بجولات من التراشق التى لا تخلو من الروح العدائية تجاه بعض المصريين ..هذه المشاعر السلبية من جانب بعض الشباب الليبى لم أتوقعها لأنى كنت أظن أن روابط الجيرة والنسب و..,..كلها كفيلة بإجهاضها ومنعها من التسلل والانتشار بين أبناء الشعبين الشقيقين.

فى السطور التالية سأروى لكم واقعتين تكشفان عن مدى هشاشة العلاقة بين أبناء البلدين بصورة تدعو للدهشة والتأمل.. ففى الصيف الماضى كان أحد الشباب الليبى يسير بسيارته فى أحد شوارع مدينة الإسكندرية، وصدم سيدة مصرية حاملاً كانت تعبر الطريق بالصدفة .. تم القبض عليه وإحالته إلى النيابة العامة، التى أفرجت عنه بعد أن وجهت إليه تهمة القتل الخطأ.

إلى هنا الحادث عادى ويتكرر بشكل شبه يومى على الطرق المصرية، لكن الأمر غير العادى أن المارة والغاضبين المتعاطفين مع السيدة الضحية دفعهم تعاطفهم إلى إضرام النيران فى سيارة الشاب الليبى، أحد الأشخاص تمكن من تصوير الحادث بكاميرا تليفونه النقال ووضعها على شبكة الإنترنت..صور المارة الغاضبين أظهرت حالة من الحقد الأسود والغضب المبالغ فيه لأن مرتكبه ليبى.. ربما يكون هذا أمرا معتادا فى مثل هذه الظروف!

وكالعادة حضرت الشرطة متأخرة لكن أولاد الحلال كانوا قد خلصوا الشاب الليبى من أيدى المارة ..فى غرف الدردشة الليبية على الشبكة العنكبوتية جرى الترويج لشائعات مفادها أن المصريين أحرقوا الشاب الليبى داخل سيارته، بعض المعلقين الليبيين طالبوا بحرق المصريين العاملين فى ليبيا ردا على الحادث، بينما اكتفى البعض الآخر بالدعوة إلى شن حرب تأديبية على مصر عقابا لها على "الجريمة".. الطريف أن بعض الشباب الليبى أراد التنفيث عن غضبهم وضيقهم تجاه المصريين فلجأ بعضهم إلى الترويج لكليبات "وكر العصفور" السعودى على نطاق واسع داخل ليبيا بهدف سب المصريين بالإنابة. غرف "الدردشة" بين المصريين والليبيين تواصل فيها التنابز والشجار لفترة طويلة ولم يتوقف إلا بعد ظهور الشاب الليبى على شاشة التليفزيون ليحكى القصة ويقر بأنه تعرض لمعاملة جيدة من جهات التحقيق، وحتى من عقلاء المارة فكان لشهادته وقع عميق على تهدئة نفوس الكثير من الإخوة الليبيين الثائرين.

قبل أن يودع شباب غرف الدردشة الجفوة التى تركتها حادثة السيارة، ظهر على موقع "youtub "حادث آخر أشد مأساوية ضحاياه هذه المرة مصريون بينما الجانى ليبى..الحادث عبارة عن "كليب" قصير يصور فرقة بحرية ليبية - هكذا تم تعريفها – وهى تطلق نيران مدافعها بكثافة صوب قارب صيد صغير على متنه مجموعة من الشباب المصريين وهم فى طريقهم إلى إيطاليا خلال إحدى رحلات الموت الشهيرة .. صور الكليب غير واضحة لكنها تعكس لحظات بشعة لركاب القارب العزل وهم فى مرمى النيران .. بالطبع انقلبت المشاعر المعادية هذه المرة من جانب المصريين تجاه الأشقاء الليبيين، بعضهم طالب بتحقيق دولى والبعض الآخر تمسك بإعلان الحرب!! وهكذا أصبحت شبكة الإنترنت تحدد شكل وطبيعة العلاقات الشعبية بين العرب.

فمن المسئول عن إيصال علاقات "الأشقاء" إلى هذه الدرجة من الهشاشة حتى أصبحت كالدمية يتلاعب بها شباب مغامر من هنا أو هناك؟








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة