أثناء إحدى جلسات مجلس الشعب فى دورته الماضية، تلقى نائب معارض ورقة من وزير حضر نفس الجلسة، مكتوباً فيها: «أحب يوسف بطرس غالى، ورشيد، والدكتور مفيد شهاب رجل طيب،لكن إيه رأيك فى مصيلحى وسامح، وأباظة».
قرأ النائب المعارض الورقة بعناية، ولأن قدراً من الود يجمعه بالوزير الذى كتبها فهم مغزى الرسالة، التى تعنى تحريضا ضد وزراء، و«تطنيش» آخرين، والهجوم يعنى فى اللغة البرلمانية محاصرة الوزير بأسئلة برلمانية وطلبات إحاطة واستجوابات وبيانات عاجلة أى كل أدوات محاصرة الوزير برلمانيا.
القصة ليست خيالا، وإنما حقيقة استمعت إليها من النائب المعارض، ورواها فى سياق: كيف يمكن استخدام النواب أغلبية ومعارضة فى رفع وزير والخسف بآخر، وهى تكشف كثيراً من العجب فى العلاقات بين وزراء الحكومة التى تصل إلى حد تجنيد معارضين متنفذين لتمرير معاركهم ضد بعضهم.
اللعبة السابقة كانت المرض العضال فى نهايات حكومة عاطف صدقى، وطوال فترة حكومتى الجنزورى وعبيد، وبرغم ما يقال عن تجانس حكومة نظيف إلا أن فيها ممارسات تشير إلى أن «كل وزير بيلعب لوحده»، وليسمح لى الدكتور محمود عمارة باستعارة هذا التعبير منه، والذى طبقه على رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة.
ودليلى يأتى من قضايا مثل «الصكوك، وتصدير الغاز إلى إسرائيل، وتحرير الدقيق المدعم الذى يمكن أن يحذر الأمن من تداعياته، والأزمة المالية العالمية وانعكاسها على مصر وكيفية تعاطى كل وزير معها، وكيفية التعامل مع تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات عن أداء قطاعات الدولة، بالإضافة إلى قضايا أخرى، ولنبدأ من آخر المشاهد.
فى الأسبوع الماضى حشد أحمد عز نواب الأغلبية للهجوم على تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات حول الحساب الختامى للموازنة العامة للدولة وتدافع النواب فى اتهام الجهاز ورئيسه جودت الملط، ومعهم يوسف بطرس غالى، وبلغ الأمر درجة تحذير النائب حمدى الطحان مما يفعله النواب قائلاً: «أنا لا أشكو ضعف أداء الجهاز بشكل أو بآخر، ولكن أشكو التفكك الخطير فى سلطة الدولة»، والتفت إلى عز قائلاً: «بمالك من قدرة، وما يقع عليك من مسئولية، وما لديك من مكانة فى تحريك الأمور.. حافظ على الجهاز».
نداء الطحان لعز نفهم منه أن أمين تنظيم الوطنى أصبح أهم من الوزراء،والوزراء يعرفون ذلك فيتقربون منه لتوفير الحماية البرلمانية لهم، فالإشارة منه تحمى وتكشف، وإذا كان يوفر الحماية لغالى مثلاً، فلماذا لم يستنفر قواعد الحزب لمساندة محمود محيى الدين فى قضية الصكوك، الذى فسر البعض تحركه وحيداً بأن ما يحدث معه هو حرق مبكر لمرشح محتمل لرئاسة الوزراء.
والدليل هجوم قيادات من الوطنى على «الصكوك» كما حدث من النائب هشام مصطفى خليل، ففى آخر اجتماع للجنة الاقتصادية للحزب قال: «يتم فرض مشروع الصكوك من القيادات العليا فى الحزب الوطنى دون اهتمام برأى القيادات الوسطى وأعضاء الحزب ،وأضاف: «عقدت أكثر من لقاء جماهيرى مع أبناء دائرة قصر النيل، ولاحظ أن الناس مش فاهمة وغير مقتنعة»، فرد محيى الدين بسخرية: «أنا كمان ممكن أعمل اجتماعات فى بلدى كفر شكر، وأقول إن الناس مرحبة بالمشروع» وحوار بهذا الشكل لا يحتاج إلى تساؤلات.
أما رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة، موضع الاجتهادات بشأن احتمال توليه رئاسة الوزارة فى أى تغيير قادم، فهناك من يسعى إلى تقليم أظافره كما حدث معه فى قانون الاحتكار.
القائمة تشمل وزراء مثل سامح فهمى وعائشة عبد الهادى، فالأول وبعد أن كان صاحب «كعب عالى» فى الوزارة خاصة أيام عاطف عبيد، ووصل إلى درجة ترشيحه لرئاسة الحكومة، سحبت قضية تصدير الغاز إلى إسرائيل من نجمه الكثير، فمنذ أن تفجرت القضية تركته الحكومة وحيداً فى المواجهة، وبلغ به الضيق إلى القول فى دوائر ضيقة «لست وحدى المسئول»، والسؤال لماذا تتركه الحكومة وحيداً؟، أما الثانية فتعودت أن ترمى مشاكل مظاهرات العمال واعتصامهم على حجر الدكتور محمود محيى الدين. والخلاصة أننا أمام حكومة يسودها نغمة: «كل واحد بيلعب لوحده» وكله يبحث عن مساندة عز، مارأيكم أن يتولى هو الوزارة حتى يلعب الكل مع بعضه.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة