الكذب موضة.. هذا طبعا قبل أن يتحول إلى «خيبة» بفضل المثل الشعبى الشهير، ونحن نعيش فى دولة تعشق هذا الكذب سواء كان الموضة أو الخيبة، وتموت فى صناعة الكذبة ونشرها ثم تصديقها والإيمان بها فى النهاية، وإن أردت نموذجا دعنى ألقى فى وجهك قنبلة أننا نعيش أزهى عصور الديمقراطية، صنع النظام هذه الكذبة، وتولى رجال جهازه الإعلامى نشرها، ثم بدأوا يتعاملون معها على أنها حقيقة واقعة وبالتالى أصبح كل معارض حاقد، وكل ناقد خائن، وكل ناصح هو فى الأصل صاحب منفعة.
بنفس الطريقة صنعت الحكومة كذبة جديدة ملخصها أن الشيعة خطر قادم يشبه الجراد هدفه الاستيلاء على الأخضر واليابس، وأصبحنا نقرأ كل صباح تحذيرا أو وعدا حكوميا فيما يخص مسألة نشر المذهب الشيعى فى مصر، قبل أن نقرأ أى حل لأزمة تصدير الغاز لإسرائيل أو اختفائه من البيوت المصرية.
تحول هم الدولة فجأة إلى صناعة شبح جديد كلما سمع الناس اسمه قالوا «يامامى» أو «يامه»- اختر الكلمة المناسبة لك حسب وضعك الاجتماعى- ربما لأن الدولة بحثت عن معركة تأخذ الناس بعيدا عن المشاكل التى تتضخم بلا حلول كعادتها دائما، أو ربما لأن النظام الحاكم أصبح يعشق السير ضمن صفوف الركب العالمى أيا كان توجهه.. نضرب العراق مفيش مانع، نهاجم إيران.. وإيه المشكلة.
من حق النظام أن يضع أجندة معاركه الداخلية والخارحية، ولكن ليس من حقه أبدا أن يفرضها علينا بهذا الشكل الساذج وكأننا مجموعة من العيال يهددها بحجرة الفئران، من حق النظام أن يهاجم من يريد دون أن يتلاعب على أوتارنا الدينية، ويسخر أزهره فى تصدير أفكار وتصريحات توحى من بعيد بأن الشيعة هم رجال أبرهة الأشرم القادمون لهدم الكعبة، مع أن بعض رجال الأزهر المخلصين قد أفتوا من قبل بجواز التعبد على المذهب الشيعى ، ورجال الأزهر الذين يحذرون من الشيعة وخطرها ويحاربون رجال الدين الشيعى متهمين إياهم بنشر الفتنة هم الذين ينادون كل صباح بوأد الفتنة ويقفون فى وضع التصوير مع القساوسة كلما احتاج النظام إلى صورة وحدة وطنية يضحك بها على الغرب..فهل يعنى ذلك أن الرغبة فى الحوار وقتل الفتنة مسألة سياسية بحتة وقد يأتى يوم تحرضنا فيه الدولة على أقباط مصر وتحذر من خطر تبشيرهم إذا توافق ذلك مع مصالحها؟
قبل أن تتهم سؤالى بالخبث أو حتى بالسذاجة فكر قليلا، ثم تعال نمارس حقنا فى أن نضحك ونقهقه قهقهة الأشرار- راجع ضحكات محمود المليجى حينما يكون دوره فى الفيلم رئيس عصابة لكى تضحكها بشكل مظبوط- على سذاجة الأسلحة التى يستخدمها النظام الحالى فى مواجهة ما يسمونه بالمد الشيعى، دعك من انتشار لفظ الدولة الفارسية فى صحف الحكومة، والتذكير بشارع خالد الإسلامبولى فى شوارع طهران، وركز قليلا مع خطة وزارة الأوقاف التى قررت إعادة ترميم العتبات المقدسة بحجة أنها بوابة لنشر المد الشيعى فى مصر، الخطة التى بدأها الوزير زقزوق بتغيير كسوة ضريح الحسين من الأسود إلى الأخضر على اعتبار أن لون الشيعة المفضل هو الأسود، ستكتمل مراحلها فى باقى العتبات المقدسة( السيدة زينب- السيدة نفيسة-مسجد السيدة عائشة-ضريح السيدة رقية مشهد فاطمة النبوية ) بشكل يهدد بطمس المعالم الأثرية لتلك المساجد الشهيرة، بمعنى أن وزارة الأوقاف قررت مسح التاريخ بأستيكة لمواجهة كذبة مصطنعة، ألهذه الدرجة لا تثق الدولة فى شعبها ولا فى رجال دينها ولا فى مذهبها السنى بشكل جعلها تخشى من انتشار المذهب الشيعى فى مصر بسبب ثلاثة مساجد وضريحين ولون كسوة.
عموما الخوف كل الخوف أن تعلو موجة التحذيرات من المد الشيعى مع أى حدث قادم، فتعلو موجة الاستعدادات الحكومية لمواجهة الخطر القادم من إيران بتشريع قانونى يحظر ارتداء اللون الأسود فى أيام الحداد على الموتى، مثلما فعلوا منذ سنوات وغيروا لون السبورة فى المدرسة من الأسود إلى الأخضر دون إبداء أى سبب واضح!!
قبل ما تمشى: عزيزى القارئ الخبيث أرجوك لا تربط بين تغيير لون السبورة وحكاية مواجهة المد الشيعى هذه.. لأنها كانت مجرد إفيه والإفيه يحكم.. بس على فكرة لون السبورة تم تغييره للأخضر بالفعل!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة