د. محمد مورو

كلنا نفخر بأردوغان

الثلاثاء، 03 فبراير 2009 08:35 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دخل رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان، قلوب ملايين العرب والمسلمين، بل وكل العالم، عقب موقفه المتميز من العدوان الصهيونى على غزة، وصدامه مع الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز فى إطار مؤتمر دافوس المنعقد بسويسرا.

ففى إطار ندوة خاصة عقدت على هامش مؤتمر دافوس الاقتصادى بعنوان "غزة نموذج الشرق الأوسط"، تحدث الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز لمدة 25 دقيقة، بينما سمح الأمين العام للأمم المتحدة فى تلك الجلسة، لكل من السيد عمرو موسى الأمين العام لجامعة الدول العربية، ورجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركى بـ 12 دقيقة فقط، مما يعطى الدلالة الأولى على تحيز منظمى الجلسة لصالح إسرائيل.

وعلى كل حال، فإن إعطاء الرئيس الإسرائيلى وقتاً أطول من غيره، ليس هو الدلالة الوحيدة، ولكن السماح له بالدفاع وتبرير قتل أهالى غزة أمام زعماء العالم ـ المحترمين ـ هو الدلالة الأهم، ذلك أنهم صفقوا لبيريز بعد أن سمعوا تبريراته الفجة لقتل الأطفال والنساء فى غزة، مما أثار حفيظة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، الذى قال إن إسرائيل تعرف كيف تقتل البشر، وإنه من المحزن أن يصفق الزعماء لموت الكثيرين!!. وتدخل مدير الجلسة، فمنع أردوغان من الكلام، فغضب أردوغان وانصرف من المؤتمر وعاد إلى بلاده.

ومن الغريب أن السيد عمرو موسى رئيس جامعة الدول العربية كان حاضراً، ولم يرد ولم يغادر الجلسة احتجاجاً، فهل إحساس الأتراك بالفلسطينيين أقوى من إحساس العرب؟ وهل إحساس رئيس الوزراء التركى بالتعاطف مع غزة أقوى من إحساس الأمين العام لجامعة الدول العربية؟!

ومن البديهى أن هذا الموقف، ومن قبله عدة مواقف للسيد رجب طيب أردوغان فى موضوع غزة، قد جعلته بطلاً فى عيون العرب والمسلمين، بل وكل أفراد العالم، وليس غريباً بالطبع أن تحتشد عشرات الألوف لاستقباله فى مطار أنقره فى جو بارد جداً وفى ساعة متأخرة من الليل، وكذا خروج المظاهرات فى غزة حاملة صور أردوغان معتبره إياه بطلا دافع عن فلسطين وعن غزة حين غاب الزعماء العرب الذين لم يفعل واحد منهم عشر ما فعله أردوغان مع العالم.

أيعنى أنه إذا كانت هناك توازنات تحول دون قيام الزعماء العرب بواجبهم تجاه غزة فإن تركيا بدورها لها توازنات وعلاقات دقيقة جداً، وبالذات السيد رجب أردوغان له توازنات أدق لأن سيف الاتهام بالإسلامية سلط على رقبته فى بلد مثل تركيا يمنع دستورها التعبير عن الدين سياسياً، وكان حزب أردوغان معرضا قبل عام واحد للحل وحبس أردوغان بتهمة الانحياز إلى لبس الحجاب مثلا!! وكذا فإن أوساطا يهودية اتهمت أردوغان بالعداء للسامية وهى تهمة خطيرة فى العالم اليوم.

وهكذا فإن توازنات تركيا وتوازنات أردوغان أكبر من توازنات القادة العرب ومع ذلك فإن أردوغان البراجماتى – انحاز إلى المبادئ والقيم الإنسانية، مضحياً بالكثير من المصالح، ودخوله فى الكثير من المخاطر، مما يعكس احتراماً كبيراً للرجل، ويؤكد ثقته فى نفسه وأعتقد أن ثقته بنفسه، وثقل الدور التركى يرجع لأسباب كثيرة، لعل أهمها أن الحكومة التركية حكومة منتخبة أى أنه لا مشروعية شعبية، أما الحكومات العربية فهى حكومات تفتقر إلى الشرعية الشعبية، لأنها جاءت بالوراثة، أو بتزوير الانتخابات، أو بالانقلاب العسكرى.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة