د. محمد مورو

وماذا بعد انتخاب شيخ شريف رئيساً للصومال؟

الأحد، 08 فبراير 2009 07:27 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما دخلت القوات الأثيوبية إلى الصومال، كان هدفها الأول هو الإطاحة بحكومة المحاكم الإسلامية الصومالية برئاسة شيخ شريف شيخ أحمد، وقد حققت هذا الهدف بالفعل، وكان هناك دعم مادى وعسكرى أمريكى للقوات الصومالية لتحقيق هذا الهدف، ولكن الغريب والعجيب وإن كان مفهوماً طبعاً أن أثيوبيا ذاتها الآن، وأمريكا والغرب أيضاً، دعموا عودة الشيخ شريف إلى حكم الصومال، بل إن التسوية التى تمت بين المعارضة الإسلامية، جناح جيبوتى وهو برئاسة شيخ شريف طبعاً، وصلت إلى اتفاق بضم 200 عضو من هذا الجناح إلى البرلمان، ومن ثم وكتحصيل حاصل، انتخاب شيخ شريف رئيساً للصومال، بل وحصوله على 296 صوتاً مقابل 124 صوتاً لخصمه الذى ترشح أمامه.

وبديهى أن ذلك تم بموافقة أثيوبية وأمريكية واضحة، بل إن القوات الأثيوبية التى انسحبت من الصومال أوائل العام الحالى، نفذت هذا الانسحاب فى إطار خطة متفق عليها تقضى بعودة المحاكم الإسلامية برئاسة شيخ شريف لحكم الصومال.

ما الذى غير الموقف الأثيوبى والموقف الأمريكى والموقف الدولى 180 درجة، فبعد أن كان الهدف إسقاط وإزاحة الشيخ شريف، أصبح إعادة الشيخ شريف والمحاكم إلى السلطة. وفى الحقيقة فإن أكثر من سبب قاد إلى هذا الحل غير المتوقع على الأقل لدى أى مراقب غير مدرك للتغييرات التكتيكية والاستراتيجية فى المنطقة والعالم.

بداية فإن المحاكم الإسلامية هى الجناح المعتدل من المعارضة الإسلامية، وفى المقابل هناك منظمات وحركات إسلامية أخرى، بعضها متشدد وبعضها الآخر راديكالى، وهى التى قامت فى معظم الأمر بجهد المقاومة ضد القوات الأثيوبية الغازية، ولها سيطرة واضحة على الأرض، وبما أن القوات الأثيوبية فشلت فى السيطرة، وبما أن الحكومة الصومالية المخالفة فى أثيوبيا بدورها فشلت، فإن البديل ربما يكون انتصاراً نهائياً لتلك الحركات المتشددة أو الراديكالية، وهذا معناه أن تصبح الصومال مرتعاً للقاعدة أو غيرها من الحركات ذات الطابع الجهادى العابر للدول والقوميات، وهذا خطر على أمريكا والغرب، وكذلك تفكر حكومة الصومال الجديدة فى حالة سيطرة الحركات المتشددة فى تحرير إقليم أوجادين من أثيوبيا واستعادته إلى الصومال، وهو إقليم متنازع عليه بين الصومال وإثيوبيا، ودخلت الصومال فى حروب سابقة من أجل استعادته، وهو حلم صومالى يدغدغ مشاعر كل الصوماليين، وهذا خطر على أثيوبيا وهكذا لم يكن أمام أثيوبيا والغرب وأمريكا إلا تجرع السم وقبول عودة المحاكم الإسلامية والشيخ شريف إلى حكم الصومال، ومن المعروف أن برنامج المحاكم الإسلامية لا يشتمل على تحرير أوجادين أو غيرها من الأقاليم الصومالية المنتزعة من الصومال لصالح دول الجوار، وكذا فإن المحاكم والشيخ شريف أعلنوا أكثر من مرة أنهم لا يريدون أن تتحول الصومال إلى قاعدة لتحرير العالم مثلاً!!.

من ناحية أخرى فإن ظهور القرصنة الصومالية على نظام واسع وتهديدها للتجارة الدولية، وعدم إمكانية القضاء عليها عن طريق السفن الحربية والأساطيل، لأن هذا أولاً صعب، وثانياً مكلف، والتكاليف المترتبة على ذلك تنسف فكرة التجارة أصلا، كما من البديهى أن القضاء على القرصنة تقتضى وجود استقرار فى الصومال، وحكومة قادرة على بسط الأمر فى ربوع البلاد، وهذا كان قد تحقق بالفعل فى ظل حكم المحاكم الإسلامية، ولذا فإن عودة المحاكم الإسلامية إلى حكم الصومال هو الطريق الوحيد المتاح أمام أثيوبيا والغرب وأمريكا، وهكذا جاء الشيخ شريف رئيساً عن طريق نفس البرلمان الذى كان يعتبره شخصاً مطلوباً للعدالة.

ولكن الحقيقة، أن كثيراً من الأمور قد تغيرت فى الصومال والمنطقة والعالم، وأن عودة المحاكم إلى حكم الصومال لن يكون بحد ذاته طريقاً للاستقرار، فربما تقرر القوى الراديكالية أن تستمر فى المقاومة وتصر على تحقيق أجندتها المحلية والإقليمية والدولية، وما كان متاحاً وسهلاً من قبل، ربما يصبح الآن صعباً أو مستحيلاً.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة