الفصول الطائرة

قد يكون تعبير الفصول الطائرة غريباً على أسماع البعض، ولكن من يعيش فى المناطق الشعبية ويرسل أبناءه إلى المدارس الحكومية يعرف هذا التعبير ويفهمه، والفصول الطائرة عبارة عن فصول لا توجد لها قاعات مخصصة، بمعنى أن هناك فصولا وطلابا زائدون عن عدد حجرات وغرف وقاعات المدرسة، فيضطر الناظر فى البداية إلى إلغاء حجرات التربية الفنية، والأنشطة وغيرها ـ وهذا أمر غير تربوى بالطبع ـ ثم يحدث أيضاً أن ذلك لا يكفى فيلجأ إلى حيلة طريفة، وهى ما يسمى بالفصول الطائرة التى لا قاعات مخصصة لها. فإذا فرغ فصل من الفصول كان يقوم الناظر بصرفه قبل موعده أو ينزل الفصل إلى الفناء فى حصة التربية الرياضية على أن يحل فصل آخر مكان هذا الفصل لمدة حصة، ثم يذهب إلى قاعة أخرى فرغت لنفس الأسباب أو غيرها، ويظل هذا الفصل يطير ـ ينتقل ـ من قاعة إلى أخرى حتى نهاية اليوم المدرسى!!.

هذا بالطبع فضلاً عن وجود فترتين فى المدرسة الواحدة أو ثلاثة أحياناً.

لا نستطيع بالطبع أن نطالب الدولة ببناء مدارس جديدة فسوف تقول إن الإمكانيات لا تسمح وإنها بالفعل تبنى ولكن الزيادة فى أعداد الطلاب تلتهم كل ما يبنى من مدارس جديدة. ولا نقول مثلاً إن الحكومة كان من الممكن أن توفر ميزانيات صرف وقنوات إعلامية لا يقرأها أو يراها أحد على الإطلاق وهى بالمليارات وتوجيهها إلى التربية والتعليم، ولن نقول إن هناك إدارات ومراكز وجهات لا لزوم لها أصلاً، يمكن توفيرها.

لن نقول شيئاً من هذا، ولكن نلفت نظر السادة المسئولين إلى أن التعليم الثانوى مثلاً فى الصفين الثانى والثالث به تسرب بنسبة تقترب من 100% وأن كل الوسائل فشلت فى منع ذلك، ليس لأن الطلاب بطبعهم يحبون التسرب، ولكن لأنه ليس هناك شرح للدروس، إلا فى حالات نادرة، وبالتالى لماذا يضيع الطلاب نصف اليوم بلا مبرر!!.

أيا كان السبب فإن الوزارة فشلت فى منع التسرب، وعليها ألا تدفن رأسها فى الرمال.

ما المانع أن يتم جعل التعليم الثانوى على سنتين أو سنه أو أكثر أو أقل بنظام المنازل وأن تكون المرحلة الإعدادية أربع سنوات بدلاً من ثلاثة، لتكون السنة الرابعة فى الإعدادى بديلاً للسنة الأولى ثانوى. وأن توجه المدارس والقاعات والإمكانيات والمدرسين والميزانيات المتوفرة من جراء ذلك إلى التعليم الابتدائى والإعدادى فتقضى على ظاهرة الفصول الطائرة، ونضبط أداء المرحلة الإعدادية والمرحلة الابتدائية. ونحقق عملاً تربوياً مقبولاً.

ولكن هل يملك السادة المسئولين الخيال والجرأة على تحقيق هذا الحل البسيط جداً؟ أم أنهم سيقولون كيف نحول التعليم الثانوى إلى منازل وكأنهم بالفعل يقدمون تعليماً ثانوياً.

وبالمناسبة أتحدى أن تكون هناك مدرسة ثانوية واحدة فى القاهرة مثلاً تنظم فيها الدراسة، ويحضر الطلاب فى الصفين الثانى والثالث الثانوى.. والله تعالى أعلم.