إعلان المرشد مهدى عاكف عن نيته عدم الاستمرار فى ولاية ثانية عقب انتهاء ولايته الأولى نهاية العام الحالى، هو بالفعل أذكى وأهم تصريح لمرشد الإخوان الحالى، الذى عرف عنه العصبية وسهولة التورط فى تصريحات تضر بمركزه وبوضع الجماعة التى يشغل فيها المنصب القيادى الأعلى.
لماذا اعتبر تصريح عاكف الأذكى والأهم بين تصريحاته؟ ليس قطعا كما قد يفسر بعض الخبثاء كلامى، لأن المرشد الطيب هو المرشد المتقاعد، ولا لمزاً منى للمرشد بأنه أدرك أخيرا مدى ما سببه من ضرر للإخوان، وأنه استفاق فى لحظة مصارحة ليعطى الفرصة لقائد جديد قد يطور أداء الجماعة فى الحياة السياسية والاجتماعية والدعوية.
لا ليس هذا قصدى قطعا، قد يكون للمرشد أسبابه المباشرة أو الخاصة التى دفعته لإطلاق تصريحه القنبلة، لكن القنبلة انفجرت، وأحدثت دويها الذى سيمتد أثره السياسى خلال المرحلة المقبلة، أياً كان هدف المرشد، وأياً كانت الأسباب التى دعته لإعلان تنحيه، خاصة وأن إعلان المرشد التنحى، جاء رغم أن لائحة الجماعة تتيح له ولاية ثانية تلقائية، ورغم العرف الملكى السائد فى أحزابنا وتنظيماتنا السياسية المعترف بها أو المحظورة على السواء.
أعود للسؤال الذى أطلقته ولم أجب عنه بعد: لماذا اعتبر تصريح مهدى عاكف الأذكى والأهم بين تصريحاته؟ الإجابة يمكن أن نراها من خلال وصف أحد السياسيين لعلاقة ملك الأردن السابق حسين بن طلال بالسياسة المصرية، قال: كلما تحرك الملك حسين أصيبت القاهرة بالأنفلونزا، وحركة المرشد الأخيرة أو مناورته الأخيرة، لابد وأنها ستصيب مختلف القوى السياسية "موالاة ومعارضة " بالأنفلونزا، لماذا ؟ لأنه قدم النموذج الذى تنشده كل القوى السياسية والشعبية حاليا: تداول السلطة بدلا من احتكارها.
الإشارة تقتضى أن المرشد مهدى عاكف صاحب أداء كلاسيكى فى قيادته للإخوان، وأنه ضيع فرصة ذهبية كانت مواتية أمامه ليحسم الفصل فى الشرعية التى تستند إليها الجماعة هل هى حزب سياسى أم جماعة دعوية، كما سمح بتفاقم الخلافات داخل الجماعة التى يتولى قيادتها، واتسمت انحيازاته فى كثير من المواقف بالتشنج والعصبية والتطرف بعيدا عن المصلحة الوطنية تحت دعاوى قومية أو دينية..
لكن تصريحه الأخير بالتنحى بعد انتهاء ولايته الأولى رغم قدرته على الاستمرار والقيادة، أظنه سيميل بالكفة لصالحه، وسنظل نذكر له أنه أول مرشد للإخوان ينال لقب سابق وهو على قيد الحياة، وأنه أول مرشد يفتح باب السيطرة للتنظيم العالمى للإخوان على الجماعة الأم فى مصر.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة