لا أريد أن أكون كمن يفتح باب الأمل لمريض ثم يتركه دون مبرر.
قبل أسبوعين تناولت هنا قضية عقار فيروس «سى» الذى اخترعه الدكتور جمال شوقى عبدالناصر وفريق علمى معه، واستعرضت جوانب من رحلة هذا الفريق فى الاختراع والذى استمر العمل فيه نحو 13 عاما، وأشرت إلى كم العراقيل التى واجهتهم، وطلبت فى مقالى من وزارة الصحة الرد على تساؤلات العشرات من المرضى الذين قرأوا وسمعوا تصريحات مبشرة من وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلى حول الموضوع منذ أكثر من عام، وذلك بعد إثارته فى البرلمان ووسائل الإعلام المرئية والمقروءة، وبعد أن اتسعت الآمال بشأنه طبقا لرأى علماء طب معنيين، دخلت المسألة طى النسيان.
غير أن المرضى أنفسهم لم ينسوا، وهو ما دفعنى إلى فتح الملف من جديد مشيرا إلى أن الدكتور جمال شوقى خرج بأبحاثه حول العقار إلى جهات فرنسية وأمريكية بعد أن ذاق الأمرين هنا، ودخل فى مسائل بيروقراطية عقيمة، يرى أنها كانت مقصودة، المهم أنها توحشت إلى درجة أكدت له أن الاختراع لن يكتب له النور فى مصر، وأن مافيا الدواء قادرة على إجهاض أى محاولة تساعد المرضى الفقراء، والعقار الجديد كان يتم العمل فيه من أجلهم .
كان هذا ما ذهب إليه الدكتور جمال، وانتظرنا أن نعرف رأى وزارة الصحة، باعتبارها الجهة الأولى المعنية بالمرضى، وباختراعات الأدوية الجديدة، لكنها وفيما يبدو رأت أن تتعامل مع القضية بتجاهل تام، وبمبدأ «ودن من طين وودن من عجين»، وتفعل ذلك وكأنه لا يعنيها أمر المرضى الذين يأكلهم المرض، ونفقات علاجه الباهظة، فلا أحد من الوزارة تحدث لتوضيح الحقائق الكاملة، وعما إذا كان الاختراع يشوبه عوار علمى أدى إلى وقفه، أو أن الدكتور جمال وفريقه لم يتعاونوا بالدرجة الكافية معهم، والفصل فى ذلك يحقق فائدة للمرضى، ويضع وزارة الصحة أمام مسئوليتها الصحيحة، الوزارة فقط قامت فى الأيام الماضية بالإعلان عن مراكز توزيع الحبوب الدوائية بالمجان التى يتم تناولها بعد الحقن بـ«الإنترفيرون»، وهى مشكورة على ذلك، لكن مسئوليتها لا تقف عند هذا الحد، بل تمتد إلى تبنى كل الجهود المحلية التى تساعد على علاج المرضى طبقا لإمكانياتهم المادية.
وفى ظل عدم الشفافية، وصمت الوزارة لا أجد سوى عرض عينة من رسائل قراء مرضى بلغ بهم اليأس مبلغه.. ويتساءلون بحثا عن إجابة، الرسالة الأولى من الدكتور عبد العزيز على بديوى محمد، من العقال البحرى بمركز البدارى محافظة أسيوط، يقول فيها أنه ومجموعة من المحاضرين بكلية الآداب جامعة أسيوط، ينفقون أموالا طائلة فى علاج فيروس «سى» دون جدوى، وأنه وزملاءه مثل ملايين غيره ينتظرون بفارغ الصبر ما توصل إليه الدكتور جمال شوقى وفريقه، ويطالبون بموافاتهم برقم تليفونه، أو أى بيانات تساعدهم فى الوصول إليه، ولم يقتصر هؤلاء على هذا المطلب، وإنما يطلبون إمدادهم بأى مطبوعات أو بيانات خاصة بالفيروس الذى ينهش أكبادهم .
رسالة أخرى من الدكتور عبدالعزيز فرج، يقول فيها »ياسيدى نحن فى امبراطورية يحكمها شرذمة كل همهم جمع الأموال بالرشاوى من شركات الأدوية الكبيرة الأجنبية كى تظل فى السوق المصرى، وهذا بالطبع على حساب المريض المسمى مواطنا، أو من مافيا المفسدين الذين يتربحون من الأدوية المغشوشة،وطبعا هؤلاء مسنودون من شرذمة أخرى تمرر لهم ما يشاؤون، أما القارئ فكرى جاد فيضع القضية فى سياق أوسع، قائلا: «لا شىء يدعو للأمل فى هذا البلد» حمدى هيكل من بنها يسألنى أيضا عن كيفية الوصول إلى العقار الجديد، مواطن من الفيوم اتصل بى تليفونيا متسائلا أيضا، ويقول أن العلاج بالحقن «خرب بيته»، وآخر من محافظة الدقهلية قال لى نفس الكلام .
القضية إذا لا ينفع معها صمت المسئولين فى وزارة الصحة، ولا ينفع معها الاعتماد على أن المرضى بلا ذاكرة، وبدلا من الاتهامات التى تلقى ضد بعض مسئوليها بأنهم أصحاب مصلحة فى عرقلة الاختراع الجديد لصالح العلاج بالحقن، ننتظر منها أن تعلن وبشفافية كاملة ما لديها من معلومات حول ذلك.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة