نشرت جريدة الشروق اليومية الثلاثاء 24 مارس الماضى، خبراً فى صفحتها الأولى تحت عنوان "غارة جوية أمريكية على السودان تستهدف قافلة أسلحة متجهة إلى غزة"، أشارت فيه إلى تعرض السودان لغارة جوية استهدفت قافلة شاحنات، قيل إنها كانت محملة بالأسلحة، ومتجهة إلى الحدود المصرية وإنها فى سبيلها للتهريب عبر ممرات القبائل غير المطروقة إلى سيناء ومنها لقطاع غزة عبر الأنفاق.
الخبر انفردت به الشروق انفرادا كاملا، ليس فقط عن جميع الصحف المحلية والعربية، بل عن جميع وكالات الأنباء والصحف العالمية، لكنها نالت بدل التقدير، الاستهزاء والتشكيك، واعتبر الكثيرون أن ما نشرته الشروق فى صفحتها الأولى محاولة "صفراء" لصناعة فرقعة إعلامية، خاصة وأن الجريدة تخطو خطواتها الأولى إلى القارئ فى وسط إعلامى مزدحم بأشكال وألوان من الصحف.
أوردت الشروق، تفاصيل دقيقة وجزئية زمنياً ومكانياً عن الغارة، كيف وقعت فى آخر شهر يناير الماضى فى منطقة صحراوية تقع شمال غرب مدينة بورسودان، قرب جبل الشعنون. وكيف أن القافلة التى تعرضت للقصف ضمت 17 سيارة، وأن عدد ركابها كانوا 39 شخصاً. وكان القصف قوياً لدرجة أن السيارات جميعها قد تفحمت بركابها، الذين لم ينج منهم أحد، ولشدة القصف فإن الصواريخ التى أطلقت خلفت 18 حفرة تراوحت أقطارها ما بين 160 و430 متراً، وكيف تكتمته حكومة الخرطوم، التى لم تستطع أن تحدد المكان الذى خرجت منه الطائرات المغيرة.
ماذا كان رد الفعل على هذه التفاصيل الدقيقة؟ التشكيك، واستمرت حالة التشكيك والتندر مما أوردته الشروق، حتى بدأت الصحف العالمية وحتى الصحف الإسرائيلية فى النشر عن الغارة ، وحتى تناولت صحيفة صنداى تايمز البريطانية الخبر نفسه فى عددها اليوم الأحد، مشيرة إلى أن الطائرات التى نفذت الغارة إسرائيلية، وأنها استهدفت قوافل أسلحة إيرانية فى السودان كانت تنقل الصواريخ إلى قطاع غزة، هنا رجعنا بظهورنا إلى الوراء وتذكرنا الانفراد الكبير للشروق قبل أيام قليلة، وكيف تستحق منا التحية إن لم يكن الاعتذار.
صنداى تايمز البريطانية أكدت، نقلاً عن مصادر عسكرية ودبلوماسيين غربيين، أن طائرات بلا طيار إسرائيلية أغارت على قافلتين ما أدى إلى مقتل خمسين مهرباً على الأقل ومرافقيهم الإيرانيين، كما دمرت كل الشاحنات المحملة بصواريخ بعيدة المدى، وأضافت أن الغارات تمت فى منطقة نائية من الصحراء السودانية قرب مدينة بورت سودان فى أواخر يناير وفى الأسبوع الأول من فبراير، ولأن الصانداى تايمز تتمتع بمصداقية الخواجة، فقد نقلت عنها عديد من الجرائد العربية، كما نقلت عنها الصحف الإسرائيلية، ولم يشر أحد إلى الانفراد الذى حققته الشروق قبلها بعدة أيام، كما لم ينقل عنها ناقل من الذين استشهدوا بقلب جامد بصنداى تايمز أو حتى بالنقل عنها، كما ورد فى الصحف الإسرائيلية.
من ناحيتى أشعر أن الجماعة الصحفية مدين باعتذار للزملاء فى الشروق، كما أشعر بضرورة تحيتهم على سبقهم، وتفوقهم على كبرى وكالات الأنباء والصحف العالمية، وأرى ضرورة الإشارة إلى انفرادهم، الذى لا يجب أن يغطى عليه استيقاظ الصحف العالمية .
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة