محمد ثروت

أزمة البشير أم أزمة شعب

الأربعاء، 04 مارس 2009 11:20 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هذه مأساة جديدة للشعب السودانى، وليس للرئيس عمر البشير الصادرة بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية لمجرمى الحرب. فالشعب السودانى الطيب الكريم المتسامح المثقف، يتعرض الآن لأكبر محنة فى تاريخه تسبب فيها رئيس لم يستمع لنصائح القاهرة والعقلاء داخل نظامه الحاكم، وترك الأمور فى أيدى غير أمينة على الشعب ومقدراته، أيدى لم تقسم الثروة والسلطة بين أبناء السودان جميعا لا فرق بين جعليين وشايقين أو بين شماليين وجنوبيين.

نظام لم يعرف أدبيات السياسة السودانية وأخلاق وكفاح الزعماء الخالدين أمثال الإمام المهدى وعثمان دقنة وعلى عبداللطيف وسوار الذهب. نظام أنفق الأموال على الدعاية أكثر مما أنفقها على التنمية. وظل الدكتور مصطفى عثمان يكتب عشرات المقالات فى الشرق الأوسط حول مشكلة دارفور والخونة والعملاء، دون أن يضع يده على الجرح النازف والمآسى الإنسانية، نظام افتتح مكتبا لحزبه الحاكم فى القاهرة رغم وجود سفارة، وهو أمر لم نعهده من قبل فى أى نظام أن يكون له سفارة ومكتب وبعثة لحزب السلطة، وفضائيات وصحف تروج له.

نظام عنيد فى تحالفاته وخصوماته، ضعيف فى مواجهة الأخطار الخارجية التى كانت تظهر ماثلة أمام عينيه، ولم يفق إلا على الدبابات يقودها الصغار على مقربة من قصره الحاكم، لولا طائرات القاهرة لإنقاذ السودان وليس البشير. مغامرات الجنرالات تدفع الشعوب ثمنها، من قلاقل واضطرابات، وفضائح أمام شعوب الأرض. توج البشير على عرش السودان عن طريق انقلاب على الحكومة الديمقراطية بزعامة الصادق المهدى.

لم يمارس الرجل السياسة وكان مجرد جنرال تقليدى، جاء به الترابى إلى سدة الحكم على ظهر دبابة. لم يفعل الرجل مافعله المشير سوار الذهب عندما سلم السلطة للشعب وجلس فى المقاعد الخلفية فى تواضع رفيع، وعزة نفس وشموخ بغير كبر، ووطنية جارفة، لا تبتغى مصلحة شخصية إلا مصلحة الوطن وعزته بين الأمم.

السودان الآن على شفا حفرة من الفوضى وانهيار الأوضاع وانفصال الجنوب عن الشمال والغرب عن الشرق، نفس المؤامرة التى تنبأ بها اللواء محمد نجيب أول رئيس لجمهورية مصر عام 1943 فى كتابه رسالة عن السودان. نعم هناك ازدواج للمعايير فى المحكمة الدولية وكيل بمكيالين، وسرعة إجراءات إذا كان الموضوع يمس العالم الثالث، وتجاهل تام إذا كان الأمر يخص إسرائيل من قريب أو من بعيد.

لكن الحقيقة المرة أن هناك جرائم حرب وثروات شعوب منهوبة. ومرة أخرى الشعوب تدفع الثمن والحكام يختبئون تحت الأرض، فلم نر البشير إلا وهو يرقص بالعصا قبل المحكمة ويهتف هتافات إخوانية معروفة فى مصر مثل الله غايتنا والرسول زعيمنا والموت فى سبيل الله أسمى أمانينا. ولم يخرج الرجل بعد صدور القرار ولم نر وجهه على شاشات الفضائيات، لكن الشعوب تتصدر المشهد.. الشعوب وحدها تدفع الثمن.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة