إبراهيم أحمد عرفات

شبح الصومال يخيم على السودان

السبت، 07 مارس 2009 12:49 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يأتى قرار توقيف الرئيس السودانى عمر أحمد البشير فى 4 مارس 2009، ليطرح تساؤلات عديدة تتعلق بمستقبل وحدة السودان ذاته، والمأزق الدولى المتوقع جراء تنفيذ هذا القرار من عدمه. فبالنظر إلى خريطة الحركات المسلحة فى السودان، ومواقفها من حكومة الخرطوم، بالإضافة إلى المسرح الاستراتيجى للدول الكبرى فى منطقة القرن الأفريقى، يتضح أن هناك أزمة دولية راهنة، تنذر بأزمة سياسية عالمية، تطرح معها العديد من السيناريوهات، التى تدور معظمها فى فلك "النموذج الصومالى".

فالسودان يموج بالصراعات الداخلية الإثنية، شأن العديد من الدول الأفريقية، والتى لا يعرف البعض عنها سوى الصراعات السابقة فى الجنوب، والصراع الدائر الآن فى دارفور، فى حين أن هناك صراعاً كامناً فى شرق البلاد، بين الخرطوم وعدد من الحركات المعارضة المسلحة، والتى تدعمها قوى خارجية، مثل إرتريا، وإسرائيل وأمريكا.

والسؤال الآن، كيف يمكن لمثل هذا القرار أن يثير فوضى داخلية فى السودان، ربما تؤدى فى حال عدم إدارتها بشكل سليم إلى تفك هذا البلد؟.. الإجابة هنا تكمن فى تداعيات اتفاق "حسن النوايا" الموقع بين حكومة الشمال وحركة العدل والمساواة فى العاصمة القطرية الدوحة. فبعد توقيع هذا الاتفاق، أبدى منى أركو مناوى، زعيم حركة تحرير السودان فى دارفور، والمشارك فى حكم الإقليم مع الخرطوم، استياءه من هذه الخطوة، معتبراً أنها تمثل تجاوزاً للاتفاق الموقع مع الحكومة السودانية، مبدياً دهشته من تصرف حكومة البشير منفردة فى هذا الأمر دون الرجوع إليه، فى إشارة إلى عدم موافقته على دخول شريك آخر فى حكم الإقليم مثل حركة العدل والمساواة.

ولم يختلف الأمر كثيراً مع حركة تحرير السودان فى الجنوب، والتى لم تبد أى موقف سواء بالسلب أو الإيجاب حول هذا الاتفاق، بالرغم من كونها شريكا أساسيا ليس فى حكم الجنوب فحسب، بل فى حكم عموم السودان. هذا فضلاً عن "سكون" جبهة معارضة أخرى مسلحة فى الشرق، تسمى "التجمع الوطنى المعارض"، وتعبر عن تحالف يضم ما يزيد على 30 فصيلا مسلحا مدعوما من إرتريا، وإسرائيل.

ويمكن القول إن جبهة الشرق، إذا جاز التعبير، ربما تشعل التوتر على طريق تفتيت السودان، خاصة من جانب فصيلين أساسيين: الأول، ويدعى "مؤتمر البجا"، وبالرغم من كونه لا يطالب بالانفصال، إلا أن التركيبة القبلية له، قد تدفعه إلى تغيير عقيدته والتوجه نحو الانفصال.

أما الفصيل الثانى، فيسمى "الأسود الحرة" ونواته قبيلة الرشايدة، وبدأت خلافاته مع الحكومة فى السودان، على خلفية مطاردة الجيش السودانى لعملياتهم الخارجة عن القانون والمتمثلة فى التهريب، وهو ما كان منفذاً لدخول إرتريا فى الصراع مع السودان بشكل غير مباشر عبر دعمهم عسكرياً، وفق أجندة إسرائيلية تهدف إلى خلخلة الأمن القومى المصرى.

هذه الصورة، ربما تدفعنا للقول بأن أى توترات أو فوضى سياسية أو عسكرية فى أى جبهة أو إقليم فى السودان، من شأنه أن يشعل نار الصراع مرة أخرى جميع أنحاء هذا البلد، وهو ما قد يفضى على أزمة دولية، قد تنتهى بتدخل دول مثل الصين وروسيا وأمريكا بشكل لوجيستى، سياسى وعسكرى، لتدعيم أى من هذه الفصائل للحفاظ على مصالحها، فى السودان، وخاصة الجنوب، مما قد يدفع فى النهاية تكرار نموذج الصومال، وتدخل الدول الكبرى للحفاظ على مصالحها فقط. كما لا يمكن تجاوز إمكانية ظهور حركة تحرير السودان (فصيل عبد الواحد نور) المدعوم من إسرائيل، فى السودان مرة أخرى، كحصان طروادة لزيادة التغلغل الإسرائيلى فى العمق الاستراتيجى المصرى فى الجنوب.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة