أمس فقط - الإثنين الموافق 30 مارس - حلت الذكرى السادسة والثلاثون لرحيل العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، ولو عاش حليم إلى هذا العام الذى نحن فيه لاحتفلنا معه بعيد ميلاده الثمانين، لكنه رحل يوم 30 مارس سنة 1977 قبل أن يبلغ الخمسين.
ولهذا بقى فى ذاكرتنا شاباً حتى الآن، ورمزاً لفن جديد ارتبط بثورة يوليو، فعبدالحليم حافظ صوت صنعته هذه الثورة، وساهم هو أيضاً فى صنعها.
صحيح أن عبدالحليم ليس هو الصوت الوحيد الذى غنى للثورة، كل الأصوات غنت ليوليو، من كل الأجيال، أم كلثوم، ومحمد عبدالوهاب، وفريد الأطرش، ونجاة الصغيرة، وشادية، وفايزة أحمد، وفايدة كامل، ووردة الجزائرية، ومحمد قنديل، وصباح.
لكن عبدالحليم حافظ لم يغن للثورة فقط، ولكنه تبنى أهدافها، وارتبط بها، واحتفل بانتصاراتها وحتى بهزائمها، وحاول أن ينشئ فى الغناء ثورة مثلها يلعب فيها الدور الذى لعبه زعماؤها.
فى فيلم «ليالى الحب» الذى أخرجه حلمى رفلة وعرض سنة 1955 ولعب بطولته عبدالحليم حافظ أمام آمال فريد وعبدالسلام النابلسى وسراج منير يضطر المغنى الشاب أن يغنى لمحمد عبدالقدوس أغنية تتفق مع ذوقه التقليدى، لكنه وهو يغنيها ينتهز الفرصة ليسخر من الغناء القديم، ويعلن ثورته عليه، وهى أغنية «ياسيدى أمرك» التى كتب كلماتها فتحى قورة، ولحنها محمود الشريف.
كان عبدالحليم الذى تعلم على يد محمد عبدالوهاب ينفر من الأساليب التقليدية فى الغناء القديم كالمبالغة فى استعراض القدرات والمهارات الصوتية بدون تبرير أو تعبير، والتكرار دون تلوين أو تنويع أو خيال، والزخرفة الشكلية التى لا تخاطب العواطف.
وباختصار، كان عبدالحليم حافظ فى هذه الأغنية يسخر من المطربين التقليديين الذين كانوا فى آخر أيامهم مثل صالح عبدالحى، وحامد مرسى، ومن طرقهم فى الأداء، وكانت أغنيته هذه رمزاً لانتهاء عصر وبداية عصر جديد فى الغناء العربى يرمز له صوت عبدالحليم حافظ.
صوت ريفى ينتمى لشعارات يوليو، لكنه مهذب مثقف، قدراته الطبيعية محدودة، لكن ذكاءه فائق وشخصيته قوية، لا يقلد أحداً، ولا يدعى لنفسه قدرات فائقة، صوت بسيط بقدر ما هو ذكى قادر على أن يكون مقنعاً ومؤثراً وجديداً!.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة