آدى الربيع!

أمس احتفلنا بشم النسيم وبالأغنية التى ارتبطت بشم النسيم، فلم نعد نحس بهذا العيد الشعبى إلا إذا سمعناها، وهى أغنية الموسيقار فريد الأطرش «الربيع». فالربيع هو شم النسيم، وهو الفصل الذى تعود فيه الروح للطبيعة بعد فصل الشتاء الذى تختفى فيه كل مظاهر الحياة. النور، والدفء، والخضرة التى تعود فى الربيع فنخرج لنشم النسيم بالنهار ونسمع فريد الأطرش فى حفلته الساهرة.

ومنذ أوائل الخمسينيات إلى أن رحل فريد الأطرش فى ديسمبر 1974 كان الجمهور ينتظر شم النسيم ليسمع هذه الأغنية، وكان فريد الأطرش ينتظر هو الآخر شم النسيم حتى يلتقى بجمهوره فى الحفلة الساهرة التى كان يقيمها فى سينما قصر النيل أو فى غيرها من القاعات والمسارح ليحتفل مع المصريين بعيدهم الشعبى الذى يعود الاحتفال به إلى أقدم العصور.

فى هذه الحفلة كان فريد الأطرش يبدع ويمتع الجمهور بمواويله المميزة وبعزفه الساحر على العود، وكانت الإذاعة المصرية تنقل هذه الحفلة على الهواء، وفريد الأطرش لم يكن أول مطرب غنى للربيع. فقد سبقه عبدالوهاب فى أغنية «هليت يا ربيع» التى غناها فى فيلم «ممنوع الحب» كما غنى بعدها «يا ورد مين يشتريك» فى فيلم «يوم سعيد» وسبقته أم كلثوم فى «أنشودة الربيع» التى غنتها فى فيلم «وداد» وهى من ألحان رياض السنباطى، كما غنت بعد ذلك للربيع أغنيات أخرى منها «ابتسام الزهر» و«الورد الجميل» وهما من تلحين زكريا أحمد.

بل إن فريد الأطرش نفسه لحن قبل هذه الأغنية أغنية عن الربيع غنتها شقيقته أسمهان فى الفيلم الذى لعبت دور البطولة معه، وهو فيلم «انتصار الشباب» وهذه الأغنية هى «يا بدع الورد يا جمال الورد» لكن أغنية «الربيع» التى كتب كلماتها مأمون الشناوى، ولحنها فريد الأطرش وغناها هى التى ارتبطت فى وجداننا بالربيع وذكرياتنا فيه، لأنها لم تكن مجرد أغنية، وإنما كانت احتفالا حيا بهذا العيد، وبالحياة كلها.

كلمات الأغنية تستعرض الفصول الأربعة، وتربط بينها وبين قصة الحب التى تبدأ فى الصيف، ثم يأتى الخريف فتذبل زهور الغرام، ويجىء الشتاء بلياليه الطويلة الموحشة، ثم يرحل ليعود الربيع من جديد. وفريد الأطرش ينتقل بنا من فصل إلى فصل، ومن حالة إلى حالة، ومن عاطفة إلى عاطفة فتتحول الأغنية إلى رحلة فى الزمن والحياة تبدأ بالحب وتنتهى بالحب!