يثبت الإعلامى الكبير حمدى قنديل أن الكلمة الصادقة أقوى فى تأثيرها من السلاح، ويثبت أن مجرد ظهوره على شاشات الفضائيات يقلق الحكام فى مضاجعهم، رغم أنه لا يفعل شيئا أكثر من أنه يتكلم.
لم نشاهد حمدى قنديل فى أى حلقة من برامجه على شاشات التليفزيون فى مصر أو دبى وأخيرا على القناة "الليبية"، يمسك رشاشا ويقول للمشاهدين ها أنا أحمل السلاح فاتبعونى، ولم نشاهده مثلا بوصفه زعيما لحزب سياسى معارض رغم أنه أكثر قيمة من هذه الأحزاب، هو فقط يعلق على الأحداث، ولكن من وجهة نظر مغايرة للحكام، وللمشاهد فى نهاية المطاف الحرية فى أن يقتنع أولا يقتنع بما يقوله الإعلامى الكبير.
وأكثر ما يثير العجب فى مطاردة قنديل أن برنامجه على أى شاشة من الشاشات التى بثت برامجه كان حلقة أسبوعية لمدة ساعة أو تزيد قليلا، فى مقابل عشرات الساعات التى تبث فى برامج أخرى تتوغل تسبيحا وحمدا فيما يفعله حكامنا العرب، ومع ذلك فإن المسئولين من المحيط إلى الخليج لم يتحملوا مجرد "ساعة نقد" يقولها قنديل فى برنامجه الذى كان اسمه "رئيس تحرير" على شاشة التليفزيون المصرى، وصار "قلم رصاص" على فضائية دبى ثم الفضائية الليبية.
آخر تجليات مطاردة قنديل ما حدث معه فى قناة "الليبية"، باعتقال مديرها عبد السلام المشرى عقب إذاعتها برنامج "قلم رصاص" بعد أن تضمن هجوما على مصر على خلفية قضية خلية حزب الله، وأن "الليبية" انضمت إلى "هيئة الإذاعة الليبية"، وعلق قنديل على ذلك بقوله "إن هذا قدر الإعلام العربى فى أن يظل تحت القمع اللانهائى"، وأضاف: "أذكر الحكام العرب بجملة قلتها فى أول حلقة للبرنامج (هاطلع لكم من أى مكان).
وبعيدا عن تصميم قنديل وعزيمته فى طلوعه من أى مكان للحكام العرب، فإن ما يثير الغيظ فى قضيته أن هؤلاء الحكام جعلوه كالطير الذى لا يعرف عشه، بينما تبحث الجماهير العربية عن عشه فى أى مكان حتى تحميه بقلوبها، لأنها تجد معه ومنه مساحة صدق، وتنفيسا عما بصدورها، فهى نصبته كواحد من زعماء التعبير عما بداخلها.
قضية حمدى قنديل أكبر من كونه شخصا "ثقيل الدم" على العروش العربية، فهى تدخل فى صميم حرية التعبير التى مازلت منطقتنا العربية بعيدة عنها كثيرا، ومازال التعامل معها يتم وفقا لقاعدة كسب رضا الحاكم أولا، ولأن حمدى قنديل ممن يرفضون هذه القاعدة طالما هى ضد قناعاته السياسية، فسيبقى مطاردا من هذه العروش، لكن أصابع كل محبيه من المشاهدين ستبقى مضغوطة على "ريموت" البحث عن كل قناة يذهب إليها.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة