من وإحنا صغيرين ونحن على علم تام بأن الألغاز مصيرها النهائى الحل، وفى كتب المدرسة علمونا أن كل علامة استفهام تأتى بعدها إجابة شافية لا لبس فيها ولا غموض، أما فى مصر فكل لغز مصيره التعقيد، وكل علامة استفهام تلد علامات استفهام أصغر منها ولكنها أخطر، يولد اللغز من هنا وتصمت الأطراف المعنية عن حله، وتنطلق الشائعات، فتتوه الحقائق بين الصمت والتخمينات، ويصبح التشويه مصيرا محتوما لصاحب اللغز ومن معه، حدث هذا مع لغز رضا هلال، ولغز سعاد حسنى، ولغز أشرف مروان الذى تمر ذكرى مقتله الثانية هذه الأيام وشرفه مازال معلقا بين تأكيدات إسرائيل على تابعيته لجهاز الموساد، وتصريحات مصر التى تأتى مرتبكة وكأنها مكسوفة من التأكيد على أن الرجل وطنى وشريف.
أليس من حق عظام أشرف مروان أن نغسل ثوبه من كل دنس حتى يحصل على دعوات صالحة؟ أو نعلن إدانته على الملأ حتى يحصل على دعوات بالغفران والصفح تنفعه يوم لا ينفع ولد ولا مال؟ أليس من حق الزعيم الراحل جمال عبد الناصر علينا أن نريح أسرته وأحفاده من نظرات الشك والريبة؟ أليس من حقنا نحن أن نعلم الحقيقة حتى نطفئ نار الغيظ التى تشعلها إسرائيل وصحفها بتقارير تؤكد خيانة مروان لمصر؟ أعتقد أن عامين كاملين وقت كاف لكى تظهر الحقيقة، والسيد الوزير عمر سليمان رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية هو الوحيد القادر على حسم هذا الأمر فاسمحوا لى أن أخاطبه فى السطور التالية:
(تعلم سيادتكم ما تثيره الشائعات والشكوك بنفوس أبناء الوطن الواحد، كما تعلم أيضا ما يتسبب فيه اتهام غير موثق لمواطن مصرى بالتجسس لصالح الدولة الصهوينية التى ما يزال أصغر طفل فى أضيق حارة مصرية مقتنع بأنها دولة العدو. سيادة الوزير أعلم جيدا حجم مشاغلكم وحجم المهام الملقاة على عاتق جهازكم العظيم الذى طالما كان مصدر فخر لكل مصرى، كما نعلم جميعا مدى السرية التى تتمتع بها أعمال هذا الجهاز العظيم من أجل أمن الوطن وسلامته، ولكن كل ما نرجوه من سيادتكم أن تساهموا بجهدكم فى كشف الغموض واللبس الذى عاشت فيه مصر على مدار عامين ماضيين بسبب الاتهامات المختلفة والمتناقضة التى تم توجيهها لزوج ابنة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بخصوص تجسسه لصالح إسرائيل وإفشاء أسرار حرب أكتوبر وهو جرم إن ثبت عظيم.
سيادتكم تعلمون جيدا مدى الحساسية التى تسكن فى قلوب المصريين نحو ما يتعلق بمسألة التجسس على الوطن وخيانته، فما بال سيادتكم ونحن نرى الرجل الذى دارت حوله كل هذه الاتهامات والشبهات دون نفى رسمى وقاطع من الحكومة المصرية وجثمانه قد لفه علم مصر وجنازته تشبه جنازة الأبطال بل صلى عليه شيخ أزهرنا وسار فى جنازته نجل الرئيس ورجاله؟
فهل نعتبر ذلك يا سيدى اعترافا من جانبكم ببراءة الرجل من التجسس لصالح إسرائيل أم أن ما حدث لا يخرج عن كونه عملية رد معنوى على المخابرات الإسرائيلية؟
توضيحكم يا سيادة الوزير سيقطع الشكوك بسكين اليقين، خاصة فى ظل تصريحات الرئيس السابقة حول أن أشرف مروان لم يكن جاسوسا بل كان رجلا وطنيا.. هل كان الرجل كذلك حقا؟ هل كانت كلمات الرئيس فى إطار التعبيرات الدبلوماسية أم أن كلمات الرئيس جاءت استجابة لدموع السيدة منى عبدالناصر التى ارتمت فى أحضان نجل سيادته باكية يوم العزاء،
سيادة الوزير كل ما نريده إطفاء نار الغيرة الوطنية التى تشتعل فى نفوسنا..
كل ما نريده الحقيقة التى ترضى ضمائرنا حتى لا نكون قد ظلمنا رجلا خدم الوطن ويستحق التحية أو نكون قد كرمنا جثمان رجل ولففناه فى علم مصر التى خانها وسلمها للعدو مقابل المال.
وختاما لك كل التحية والتقدير لشخصكم الكريم ولجهازكم الذى تعيش مصر فى ظل حمايته).
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة