د. محمد مورو

ذبح الخنازير واللغط المرفوض

الأربعاء، 06 مايو 2009 11:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لحم الخنزير محرم فى الشريعة الإسلامية، وكذا فى الديانة اليهودية، وحسب علمى بأن المسيحيين على اختلاف طوائفهم وأديانهم وعقائدهم وهى كثيرة جداً جداً، ملزمون بالشريعة اليهودية على أساس أنهم يؤمنون بالعهد القديم والمسيح قال ـ وفقاً للإنجيل ـ "ما جئت لأنقض الناموس، بل جئت لأكمل الناموس" وتحريم تناول لحم الخنزير لا يعنى أن الخنزير حيوان سيئ أو جيد، ضار أو نافع، فهذه أمور أخرى يقررها العلم، ولا يعنى أيضاً أن على المسلمين اتخاذ موقف ضد الخنازير مثلاً.

وإذا كان قرار الحكومة المصرية بذبح الخنازير كنوع من الوقاية من مرض أنفلونزا الخنازير الذى يجتاح العالم هو قرار صحيح أو خاطئ، فإن ذلك يخضع للاعتبارات العلمية فقط ولا علاقة له بموقف المسلمين من الخنازير ـ أو من المفروض أن يكون كذلك- ومن ثم فإن مناقشة هذا الأمر يجب أن تتم وفقاً للمعايير العلمية والطبية لا أكثر ولا أقل.

ووجهة نظر الحكومة المصرية فى هذا الصدد أن مزارع الخنازير تتواجد فى المناطق المأهولة بالسكان، وتعتمد على التغذية على القمامة، ومن ثم فهى أماكن قذرة ومملوءة ببقايا الطعام، ويمكن أن تحط عليها طيور مصابة بالأنفلونزا ـ إنفلونزا الطيورـ تصل إلى الخنازير، فتصاب بها، مع وجود فيروس أنفلونزا الخنازير بها وفيروسات أنفلونزا أخرى، فتتفاعل هذه الفيروسات داخل أجسام الخنازير، وتنتج نوعاً جديداً من الأنفلونزا، ربما يكون نوعا جديدا غير معروف حتى الآن، ويقوم جامعو القمامة الذين يتنقلون فى كل مكان تقريباً بنقل هذا الفيروس، وينتج وباء تكون مصر مصدره.

وأن الحكومة المصرية تعلم طبعاً، أن أنفلونزا الخنازير لم تعد تنتقل من الخنازير، بل بين البشر الآن، لأنها وصلت إلى الإنسان بالفعل. وأنه لو كان هذا الأمر الخاص بالخنازير أصاب حيوانات أخرى لتم التعامل معها بنفس المنطق. وبصرف النظر من صحة هذا الموقف الحكومى من عدمه، فإنه إجراء احتياطى، وفى كل الأحوال سواء كانت هناك أنفلونزا خنازير أم لا، فإنه كان يجب نقل مزارع الخنازير بعيداً عن العمران وإخضاع هذه المزارع لمقضيات النظافة العامة.

ولكن الغريب فى المسألة أن البعض تلقف هذا الأمر، وصوره على أنه حرب طائفية ضد المسيحيين، وإذا كان الأمر كذلك فماذا كانت الحملة الحكومية على الطيور وإعدامها !!.
ووصل الأمر إلى حد أن عدداً من أصحاب مزارع الخنازير قدم شكاوى إلى البابا شنودة بضرورة التدخل!! ولكن للأمانة فإن الكنيسة المصرية الرسمية شددت على أن قرار ذبح الخنازير أو الإبقاء عليها هو قرار حكومى بحت لا دخل للكنيسة به. ومن المفارقات فى هذا الصدد أن عدداً من أقباط المهجر وصفوا قرار الحكومة المصرية بذبح الخنازير بأنه حرب طائفية ضد المسيحيين المصريين!!. وهو نوع من الابتزاز طبعاً وتحميل الأمور أكثر مما تحتمل، ووصل الأمر إلى أن بعض هؤلاء قالوا إن هذا القرار هو تنفيذ لتوصية نواب جماعة الإخوان المسلمين فى مجلس الشعب، بل إن بعض هؤلاء من أقباط المهجر توعد الحكومة المصرية بحساب عالمى عسير.

وبالطبع فإن اتهام الحكومة المصرية بتنفيذ توصيات للإخوان المسلمين فى هذا الصدد، هو نوع من الاستخفاف بالعقول فالحكومة المصرية على علاقة سيئة جداً بالإخوان، ولا تنفذ لهم توصيات، والحقيقة أن الإخوان لا علاقة لهم بقرار إعدام الخنازير.

الخبرة المستخلصة من هذه القضية، أن الكثير من اللغط حول التمييز الطائفى فى مصر كلام لا يعكس أى حقيقة، وأنه فقط نوعا من الابتزاز، وفيه الكثير من الكذب، بل والاستخفاف بالعقول. ومرة أخرى هذا لا يعنى صحة أو عدم صحة قرار الحكومة ولكن من يريد أن يناقش صحة القرار من عدمه، بأن عليه أن يناقش هذا من الناحية الصحية والعلمية، ومن ثم يقول ما يشاء دون كذب أو ابتزاز أو اصطياد فى الماء العكر.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة