حنان كمال

الطريق إلى اليونسكو ملىء باللفتات الطيبة

الإثنين، 01 يونيو 2009 10:43 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى نوفمبر 2006 وقف فاروق حسنى فى البرلمان المصرى بكامل شجاعته.. وهو يواجه أشرس معركة تعرض لها عقب تصريحاته، التى وصف بها حجاب المرأة المصرية بأنه "ردة إلى الوراء"، لم يتفهم الشارع المصرى على الإطلاق ليبرالية الوزير.. ولم يفهم الوزير فى كثير من الأحيان حساسية الشارع المصرى فيما يتعلق بما يظن أنه رموزه الدينية.. فى البرلمان المصرى رفض الوزير يومها أن يقدم اعتذاراً صريحاً للشارع ولنواب الشعب الغاضبين شخصياً، حيث إن زوجاتهم كلهم من المحجبات.. الوزير اكتفى بأن أكد أن ما بدر منه هو رأى شخصى وليس تصريحاً رسمياً بصفته كوزير.

فى العام الماضى عاود اللسان الفالت للوزير نشاطه المعهود، حيث أكد على أنه "لو وجدت كتباً عبرية على أرفف المكتبات المصرية فلسوف يحرقها"، كان الوزير يرتدى المسوح الوطنية، وربما أفلت منه كليبرالى قديم أن حرق الكتب ليس هو سبيل التحرر الوطنى.. وأن قراءة ما يكتبه العدو هو واجب وطنى.. قبل أن يكون من المسلم به ثقافياً على أنه حق فى المعرفة.. لا أتفق مع الوزير فى عنترية حرق الكتب.. ليس للأسباب التى قامت بسببها قيامة الإسرائيليين، معتبرين الأمر عداءً للسامية، حسب كتالوج الاتهامات المشرع دائماً.

فيما يبدو أن غضبة الإسرائيليين باتت أكثر تهديداً لمستقبل الوزير، وهو يستعد للترشح لمنصب الأمين العام لليونسكو، من غضبة المصريين فى أزمة الحجاب.. غضبة الإسرائيليين كانت خطراً يدفع بأكبر رأس فى الدولة، وهو الرئيس مبارك كى يخصص جزءاً من مقابلته مع نتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى ليطلب منه "وقف الحملات ضد فاروق حسنى"، وافق نتانياهو، طلب الرئيس من إسرائيل دعم المرشح المصرى لليونسكو.. لم تصل سماحة نتانياهو لهذه الدرجة، اتفق الطرفان على قيام إسرائيل بوقف الحملات فى مقابل قيام النظام المصرى ببعض اللفتات الطيبة تجاه إسرائيل.. فى الأيام التالية كانت بوادر اللفتات الطيبة هو اعتذار مكتوب من الوزير المرشح على صفحات اللوموند الفرنسية يعتذر فيها بشكل واضح وصريح ومحدد لكل من تأذى بتصريحاته حول حرق الكتب العبرية.

لى بعض الملاحظات، أولها كيف تعتبر الدولة المصرية أن فوز وزير الثقافة بها بمنصب الأمين العام لليونسكو معركة تستقطع من وقت الرئيس وهو يقابل رئيس وزراء إسرائيل، وحيث إنه بلا شك كان جدول أعمال اللقاء متخماً بكل ما هو حساس وآنى وخطير.. ومن فصيلة ما تشتعل لأجله الحروب، مع النظر لكون مرشحين مصريين سابقين لمواقع دولية لم يحظوا بكل هذا الدعم، وهنا ينبغى مراجعة القائمة بدءاً بالدكتور بطرس غالى مروراً بمحمد البرادعى انتهاءً بإسماعيل سراج الدين.

الملاحظة الثانية، وهى متى يعتذر الوزير؟ ولماذا لم يرَ أن الشعب المصرى استحق اعتذاره فى معركة الحجاب، بينما يستحق اليهود اعتذاره فى معركة الكتب، ما أشيع وقتها هو أن هذا حدث، لأن الوزير مدعوم بمؤسسة الرئاسة التى تقويه فى مقابل الرأى العام، ويبدو من ملاحظة المشهد السابق، أن الدعم الرئاسى للوزير لا حدود له، وأن الرأى العام المصرى لا وزن له، خاصة إذا ما قيس بأوزان الآخرين.

هناك ملاحظة ثالثة، الوزير منذ عام ركب موجة الوطنية وادعى أنه مع حرق الكتب العبرية، أنا لا أصدق أن هذا هو الموقف الحقيقى للوزير، فلا هو موقف أصيل لأى مثقف، ولا هو موقف يتسق مع ليبرالية الوزير، بالطبع هنا لا أطالب الوزير أن تتسق روحه مع حرق الكتب، لكن ببساطة أقول له، إن كنت وزيراً حقيقياً للثقافة، فكان يمكنك أن تهدى الناس باتجاه كراهة حرق الكتب وهو الموقف الأكثر إنسانية وتحضراً، حتى مع الإدراك أن ما تحويه هذه الكتب هى أفكار العدو.

بقى أن نعرف، ومن حقنا أن نعرف ونحن الرعايا.. ماذا سيكون مدى اللفتات الطيبة المقدمة من مصر لإسرائيل، لأن اللطف مع إسرائيل دائماً ما ينذر بتنازلات كبيرة.. وهل أمر فوز فاروق حسنى بمقعد اليونسكو يستحق كل هذا اللطف؟.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة