المبادرة الخاصة بإقرار "الكوتة" وتحديد 64 مقعدا للسيدات بمجلس الشعب "الغرفة" الأولى للبرلمان المصرى، حقا هى تطور إيجابى على محيط المؤسسة التشريعية "نثمنه"، وخصوصا وأن المرأة المصرية تحتاج بالفعل إلى أن تحصل على حقوقها وهذا فى مصلحة الأسرة المصرية، فبدلا من أن الرجل كان هو فقط الذى يطالب بحقوق أبناء دائرته وناخبيه..
أصبحت الأم والزوجة والجدة فى إمكانها أن تتصدى لكل قانون قد يهدد استقرار المجتمع. هذا الدور للمرأة المصرية ليس بجديد، فالتاريخ المصرى تذكرنا صفحاته بنضالات المرأة المصرية والتى سطرت بحروف من نور من أجل إثبات حقها فى مشاركتها كفرد أساسى وفعال داخل الحركة السياسية. وبالسرد التاريخى للدور الذى قامت به المرأة نجدها قد شاركت منذ عام 1881 فى الجهود الشعبية التى بذلت لمكافحة الاستعمار إبان الثورة العرابية من خلال أنشطة عديدة، منها إنشاء جمعيتين من الجمعيات الأهلية هما جمعيتا (حلوان) و(مصر الفلاح)، فقد كانت النساء يقمن بدور هام فى الاتصالات وتوصيل الرسائل بين الثوار، وقد واكب هذا النشاط فترة ظهور أول مدرسة مصرية ابتدائية خاصة هى مدرسة النهضة النسائية التى أنشأتها الجمعية الخيرية الإسلامية عام 1878. وقد تقدمت الحركة النسائية بعد ذلك عندما شاركت المرأة فى المسيرات والمظاهرات ضد الاحتلال الأجنبى فى يوم السادس عشر من مارس عام 1919 ليمثل علامة مضيئة فى تاريخ المرأة المصرية.
وكانت هناك رموز واضحة لتلك الفترة من أبرزها السيدة صفية زغلول التى تبنت الحركة السياسية المصرية فى غياب زوجها الزعيم سعد زغلول، وفتحت بيتها لرموز الشعب فوصف بيتها (ببيت الأمة)، وتوالت الأحداث عندما عقد بالقاهرة أول مؤتمر نسائى منظم ضد الاستعمار حضرته 500 سيدة برئاسة هدى شعراوى وحضور نبوية موسى أول فتاة مصرية تحصل على البكالوريا عام 1907، وفى 16 يناير عام 1920 قامت مظاهرة نسائية أخرى من باب الحديد إلى عابدين تهتف ضد الاستعمار.
فى ظل تلك الظروف أنشأت هدى شعراوى لجنة الوفد المركزية للسيدات رأستها وقد طالبت تلك اللجنة بالاستقلال التام، وظهرت بعد ذلك لجنة سياسية جديدة، ولكنها لم تدم طويلا.
وفى تلك الأثناء تم إنشاء الاتحاد النسائى المصرى برئاسة هدى شعراوى وتضمن برنامج الاتحاد المطالبة باستقلال مصر والسودان وحياد قناة السويس وقت الحرب وإلغاء الامتيازات الأجنبية. وفى عام 1925 تقدم الاتحاد النسائى المصرى بعريضة إلى رئيسى مجلس الشيوخ والنواب مطالبة بتعديل قانون الانتخاب بما يضمن مشاركة النساء فى الحقوق الانتخابية، وعقد أول مؤتمر نسائى عربى فى القاهرة عام 1938.
وشهدت الأربعينات ارتفاعا فى مستوى الوعى بين النساء وتمثل ذلك فى زيادة التوجه السياسى للحركة النسائية، وتكونت أول جماعات نسائية تدافع وتطالب بمشاركة المرأة فى الحياة السياسية مثل (حزب نساء مصر) عام 1924. وفى 12 مارس 1953 اعتصمت مجموعة من سيدات حزب بنت النيل فى مبنى نقابة الصحفيين وأضربن عن الطعام مطالبات بحقوق المرأة السياسية الكاملة.
وبالنسبة للتنظيمات النسائية الحزبية فى الفترة ما بين الحرب العالمية الأولى فى عام 1914 والثانية فى عام 1939، عرفت مصر لجنة (السيدات الأحرار) المنتمية إلى حزب الأحرار الدستوريين وكذلك تكونت جماعة الأخوات المسلمات المنبثقة من جماعة الإخوان المسلمين ووضع برنامج خاص لها عام 1935 يعتمد على الوعظ والإرشاد الثقافى الإسلامى. وكانت القيادات النسائية الضالعة فى العمل الحزبى ترتبط فى الغالبية العظمى من الحالات بالرجال من قيادات الأحزاب القائمة إما بروابط القرابة والنسب أو بصلات طبقية وطيدة أو بانتماءات فكرية وثقافية.
وفى عام 1961 نصت القرارات الاشتراكية على أن تمثل المرأة بنسبة 5% من أعضاء المؤتمر القومى للقوى الشعبية. وفى 4 يوليه 1964 تم إعلان الاتحاد الاشتراكى وشاركت المرأة فى العديد من هيئاته من اللجان السكانية واللجان الجماهيرية، وتم تشكيل لجان نسائية على مستوى محافظة القاهرة واشتملت فى عضويتها على أمينات لجان النشاط النسائى فى الأقسام. وفى سبتمبر 1975 تكون التنظيم النسائى للاتحاد الاشتراكى ليشمل كافة التفريعات التنظيمية والأجهزة النوعية المعنية بنشاط المرأة السياسى داخل هيكل الاتحاد الاشتراكى ككل.
وشاركت المرأة فى المنابر الثلاثة التى صدر قرار بإنشائها فى مارس 1976، والتى تحولت بعد ذلك إلى أحزاب سياسية بصدور قانون الأحزاب السياسية رقم 40 عام 1977.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة