بداية أنا لست عضوا عاملا فى الحزب الوطنى.. ولا عضوا منتسبا إلى أمانة السياسات أو شقيقاتها من أمانات الحزب الحاكم.. وبالتأكيد لن أكون لأن متعة الاستقلال لا تقارن بنفوذ مستمد من عضوية حزب حاكم.. نفوذ لن أسعى إليه، ليس زهدا.. ولكن لأن طابور المنافقين بات يسد عين الشمس.. وأنا لم أمارس النفاق إلا نادرا، ومضطرا فى مرات لن أنساها..
كنت فى تلك الأحيان مجبرا على الحديث إلى جاهل على أنه أبو العلم وأمه، أحاول اصطناع الدهشة مع كل كلمة يقولها وكأنه الفقيه فى كل علوم السياسة والفلسفة والطب والهندسة والفلك، وفى مرات كثيرة كنت أهرب سريعا من وجه من أنافقه لأننى أعانى نوعا من السكر العصبى.. ولا أحتمل استكمال وصلة النفاق. جمال مبارك هو أكثر سياسى يتعرض لحصار النفاق والمنافقين، ربما لأنه ابن الرئيس، وربما لأنه أمين لجنة السياسات فى الحزب الحاكم، وهى اللجنة الأقوى لأنها ترسم ملامح سياسات الحكومة. جمال مبارك يبدو عليه من الذكاء ما يجعله يتحرك بطريقة مخططة تبعده قدر الإمكان عن أجواء ليل السياسة وهمساته، ولم نسمع يوما عن سهرات شارك فيها الرجل نجوم المجتمع من المشاهير الذين يتمنون الاقتراب من أمين لجنة السياسات، فهو يعيش تحت حصار خطواته المحسوبة بدقة وهو حصار يدمر حرية من يعيشه.
أكثر ما أعجبنى فى جمال مبارك هو المشروع الإنسانى الذى يعالج به جراح وزارة حزبه، مشروع الألف قرية «الأكثر فقرا».. ومن الذكاء استغلال سباق الوزراء لنيل رضا أمين السياسات، وتهافت رجال الأعمال على المشاركة فى مشروع يقوده نجل الرئيس، وأعتقد أن أكثر ما يسعد جمال مبارك، هو استمرار جولاته فى القرى المنسية، والمستفيد هنا هم أهلنا من الفلاحين البسطاء فى قرى مازالت تحت حصار الفقر، والمرض وطبعا الجهل.. ولكن لدى سؤال للمحافظين والوزراء.. كيف يدبرون الملايين لتطوير القرى حتى تستقبل أمين السياسات وهى فى أفضل حال، وبتلك السرعة المذهلة؟.
جمال مبارك كثيرا ما تعرض للهجوم.. ولا أدرى جرم أن تكون ابنا للرئيس وتريد ممارسة السياسة؟!.. طبعا هناك محاذير كثيرة يجب تجنبها، فالسياسة تضم فى دهاليزها، كدابين الزفة، وعندما يلتزم ابن الرئيس تلك المحاذير، فلماذا لا يمارس سياسة.. أليس مواطنا.. بل هو ابن المواطن رقم واحد.. والحقيقة التى أراها من المشاهدة عن بعد أن جمال مبارك يفهم جيداً أن الإقتراب منه هدف لنصف أعضاء الحزب الوطنى ونصف أعضاء أحزاب المعارضة، وكل معارضى ما يسمى بالتوريث.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة