كنت ومازلت مصرياً وطنيا مخلصاً، وكنت عضواً نشيطاً ومتحمساً منذ نشأتى الوطنية المصرية التى دفعتنى إلى استكمال تعليمى الجامعى، ثم تأسيس أول شركات الملابس الجاهزة فى مصر، بنظام التصاريح من الماركات العالمية سنة 1980، وقد كان إيمانى بالقيادة السياسية لمصر لا حدود لها عندما انضممت إلى رجال الأعمال الذين قادوا النهضة الصناعية الحديثة خلف الرئيس فى ثمانينات القرن الماضى، بعد أن بدأت نشاطى عقب عودتى من الخارج وبدأ نشاطى التجارى فى بداية الانفتاح الاقتصادى فى مصر فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وأقمت مصانعى للملابس الجاهزة الشهيرة، وقد كنت سعيداً بقيادة الرئيس مبارك لمسيرة الصناعة المصرية كقاطرة للتنمية الاقتصادية فى مصر فى ذلك لا وقت، ولم أكن أخطط مطلقاً لاحتلال موقع سياسى فى الحزب الوطنى ولا فى النظام السياسى وكان كل همى هو المساهمة فى إنجاح ما كنت أسعى إليه، "وهو المساهمة فى الإصلاح الاقتصادى لمصر"، معتقداً أن الجميع يسعون لنفس الهدف، فكنت عضواً بجمعية مستثمرى العاشر من رمضان منذ 1982 وأحد مؤسسى هذه الجمعية، ثم أمينا للصندوق بها ثم أمينا عاما للجمعية ثم نائباً لرئيس تلك الجمعية، ثم تم تكليفى بإنشاء وتكوين أمانة للحزب الوطنى بالعاشر من رمضان لأول مرة سنة 1998/ 1999، وبعد أن كونت الأمانة بنجاح، قمت بتسليم أمانتها إلى زميلى السيد محمد أبو العينين باعتباره نائباً بمجلس الشعب، وفقاً لطلب المسئولين عن الحزب.
بذلت أكثر من 19 عاما فى خدمة النظام السياسى والاقتصادى المصرى بنجاح والحمد لله، ولم أفكر لحظة فى استثمار علاقاتى وخدماتى للإثراء غير المشروع كما فعل غيرى، ولكن عند بداية إنشاء جمعية شباب المستقبل فى القاهرة وجدت حماساً من ابنى حازم خريج جامعة عين شمس للانخراط فى خدمة الوطن عن طريق عضويته فى جمعية شباب المستقبل، ولم أكن أعرف الخطط المستقبلية لتلك الجمعية، ولكن ثقتى فى السيد الرئيس حسنى مبارك دفعتنى لتشجيع ابنى للانضمام إلى الجمعية كجمعية أهلية تعمل لصالح مصر وشباب مصر بصفة عامة، وليس لشباب الصفوة والحظوة من رجال الأعمال، وتقدم ابنى للاشتراك فى الجمعية المذكورة، ولكنه صدم وقرر التراجع وإعادة حساباته، بخصوص فكرة الخدمة العامة عن طريق هذه الجمعية عندما ذهب إلى المسئولين عنها، فى ذلك الوقت، وقيل له بأنه يجب عليه التبرع بمبلغ مليون جنيه مصرى حتى يستطيع الانضمام للجمعية، ولكن حقيقة الأمر أنه لم يجد تلك المليون التى يجب التبرع بها، وعلم أن بعض رجال الأعمال الذين كانوا متعثرين مع البنوك يتبرعون بالملايين الكثيرة من أموال البنوك التى لم ترد، والتى عزفنا على السير فى طريقها، وعلمت عندما عدت من الولايات المتحدة الأمريكية بأن من دفعوا تبرعات من رجال الأعمال فى بداية عمل الجمعية معظمهم من كبار رجال الأعمال والوزراء الحاليين، واستغل بعضهم الموقف وقاموا بتعويض مبالغ التبرع من الأراضى التى حصلوا عليها لأغراض معينة بدون سداد مبالغ مناسبة، وقاموا بالتصرف فى بعضها بالبيع بأكثر من قيمتها بأرقام فلكية لسداد أموال البنوك التى تورطوا فى اقتراضها سابقاً والتوسع فى مشروعاتهم القائمة وفازوا بحظوة الاقتراب والتزاوج مع رجال السياسة.
إننى لا أعتقد أن السيد الرئيس مبارك يعلم بتجاوزات رجال الأعمال الذين استغلوا مساهماتهم فى النشاط الاقتصادى والسياسى للحصول على الأراضى التى قاموا بتسقيعها وبيعها لأغراض غير الأغراض التى خصصت لها؟؟؟!!!، ولكننى أدركت مؤخراً أسباب التبرعات الضخمة لجمعية شباب المستقبل.
وقد قدم السيد جمال مبارك فلسفة جديدة عن طريق جمعية شباب المستقبل، تساهم تلك السياسة فى تكوين جيل جديد من شباب المستقبل، يعتبر قدوة للشباب المصرى المعاصر، وصولاً إلى أن يتجاوب مع الشباب العالمى المتقدم فى أكثر الدول تقدما فى العالم.
وفى حوار مفتوح مع خريجى جمعية جيل المستقبل فى الاحتفال الأخير، أنكر السيد جمال مبارك على شباب الجامعات بصفة عامة التحدث أو التدخل فى السياسة، وقد يكون يقصد التحذير من قيام شباب الجامعات بأساليب شباب الإخوان المسلمين الأخيرة، وهى بلا شك أساليب غير مقبولة من طلبة علم وليسوا طلبة سلطة أو أدوات لقلب نظام الحكم، وقد نبه بأن طلبة العلم لايجب أن يمارسوا تصرفات أهدافها أو مظاهرها سياسية.
وهو ما دفعنى لكتابة هذا المقال، حيث تذكرت على الفور ما حدث فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر، عندما أنشأت الثورة شباباً يحمى الثورة عن طريق تنظيم من أسوأ ما مر بالمجتمع المصرى وسموه بالتنظيم الطليعى لشباب الثورة، والذى كون فيما بعد منظمة الشباب الاشتراكى، مثل الحزب الشيوعى السوفيتى فى ذلك الوقت، وأطلقت يد التنظيم ومنظمة الشباب اللذين قاما بممارسات خاطئة أدت إلى زرع بذور الشر فى المجتمع المصرى بالقضاء على القيم المصرية الأصيلة، إن معظم التشوهات الأخلاقية والاجتماعية فى المجتمع المصرى حدثت أسبابها عقب الثورة المصرية، وفى فترة تجنيد الشباب لحماية النظام، كما فعل هتلر فى ألمانيا والحزب الشيوعى فى الاتحاد السوفييتى.
وأصبح من الممكن أن يتجسس الشاب على والديه ويكتب التقرير إلى المنظمة التى ترفعه إلى التنظيم الطليعى، وأصبح أساس الحكم ليس الدستور المصرى ولا القيم المصرية ولكنها قيم مستوردة من الدول الشيوعية، ومن يومها عرف الشعب المصرى العيب وخيانة الأهل والأسرة وأصبح انتماؤه ليس لمصر بقدر انتمائه لمجموعة معينة عاثت فى مصر فساداً وإفساداً حتى كانت نكسة 1967.
وإننى أرى أن نعود بشباب مصر إلى القيم الأصيلة للشعب المصرى قبل ثورة 1952، وأرى أن الحكومة والمسئولين يمكنهم مقاومة التخريب الذى تسعى إليه الجماعة المحظورة ليس بالعناية بشباب يقاوم شباب الإخوان، وليس بالحجر على شباب الجامعات مهما كانت انتماءاته، فالديمقراطية يجب أن تطبق على الجميع، ولست أقصد الديمقراطية الحالية التى تسمح للإخوان المسلمين بالعمل نهاراً جهاراً ضد النظام بقيامها بممارسات أحياناً يعاقب عليها القانون، مثل ما قام به شباب الإخوان فى الجامعة، ولا مثل ما قام به بعض نواب الإخوان فى مجلس الشعب برفع الأحذية وازدراء المجلس الذى يمثل الشعب المصرى، وفى نفس الوقت يقولون إنها جماعة محظورة فكيف تكون جماعة محظورة فى مجتمع ويمثلها أعضاء علناُ فى مجلس الشعب؟، ويكون لها وجود فى الشارع المصرى، وفى الجامعة بصورة علنية بطريقة فجة؟.
إن حرية طلبة الجامعة فى الحوار والانفتاح السياسى من الأهمية بمكان، بحيث نجد شباب المستقبل شباباً واعياً مثقفاً سياسياً واجتماعياً واقتصادياً بحيث يستطيع التعامل مع شباب العالم المتحضر، شباباً متفتحا واعياً ديمقراطيا، وله الحق فى أن يفكر فيما يريد سياسياً واقتصادياً وثقافياً، وأن يتناقش فيها بحرية كاملة، ويكون له رأى فى تحديد مستقبل وطنه.
ولكن لا يمارسها بطرق تحريضية تدعوا إلى زعزعة النظام السياسى، والاعتداء على الأمن القومى، وإننى أرى أن هناك تقاعساً وتساهلاً غير مبرر بالنسبة للتحدث عن الإخوان "المحظورة"، فمن المعروف فى جميع دول العالم المتقدم أن السياسة منفصلة عن الدين كما فى الولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك يجب أن تنتهى لعبة حظر الإخوان المسلمين أو أى جماعة دينية أخرى، وفى نفس الوقت يترك لها الحبل على الغارب للمارسات العلنية التى تسمح لهم بممارسة السياسة، فالنظام القائم فى مصر يتعامل مع الإخوان المسلمين فعلا، وعملاً ويحظر نشاطها على الورق فقط، ويسمح لها بممارسة النشاط السياسى فى مجلس الشعب وفى الجامعات وعقد اجتماعات مكتب الإرشاد علناً، ونقول إنه لا يجوز ممارسة السياسة مع الدين، أو ممارسة الدين مع السياسة، وأن الدين لله والوطن للجميع.
ويجب منع الممارسات السياسة باسم الدين منبعها وليس من أطرافها، فلا يجب الحكم على طلاب مصر بتكميم أفواههم بسبب بعض العناصر المنحرفة والمدفوعة بقوى غير وطنية، أما أن نخرس أصوات جميع الطلبة أو نجعل منهم هياكل مبرمجة لا تفكر إلا فيما يملى عليها، فهذا أسوأ على شباب مصر وسوف يؤدى إلى نتائج وخيمة على مستقبل مصر، فهو أمر يقتل المواهب والإبداعات وغير ديمقراطى حتى ولو كانت الدولة تنفق عليهم، ولايجب منع الطلاب من المشاركة فى أنشطة حول القضايا العامة والسياسية، فلا يستطيع أحد أن يختلف على حقيقة أن دور الجامعة هو التعليم وتقديم الخريجين المؤهلين رفيعى المستوى والقادرين على تنمية للمجتمع، ولكن لابد أن تكون لديهم الشخصية القيادية التى تستطيع أن تدافع عن معتقداتها التى تتفق مع مصلحة الوطن والأمن القومى فقط.
وأيضاً، لا يجب تحريم العمل الحزبى داخل الجامعات، فى الوقت الذى نجد فيه جمعية المستقبل تابعة للحرب الوطنى ومقامة داخل الجامعة، فى الوقت الذى يرأسها السيد جمال مبارك وهو فى نفس الوقت الأمين العام المساعد للحزب، وأمين لجنة السياسات، ويضم مجلس إدارة الجمعية مجموعة من الوزراء كبار أعضاء الحزب الوطنى بصفتهم الحزبية؟!.
إننى أرجو ألا تعمل جمعية المستقبل على الحجر على عقول وفكر ووجدان الشباب المصرى، وتفرز فى النهاية أجيالاً انتهازية تختلف طبيعتها عن طبيعة الشباب المصرى، وتصبح ثقافتها الاجتماعية انتهازية فاسدة، إن شباب المستقبل وشعب مصر المستقبل، يجب أن ينمو مرفوع القامة يعرف حقوقه الوطنية الطبيعية وواجباته الوطنية الطبيعية، وأن من تلك الحقوق حصوله على خدمة تعليمية جيدة، وظيفة كريمة لا تدفعه إلى مد يده للتسول ولا للاختلاس ولا للفساد، نريد شبابا له القدرة والاعتقاد بأنه مطالب بالتعبير بوضوح عن فكره كما يشاء وله هواه السياسى الذى يفضله.
إن تجنيد شباب مصر لخدمة نظام معين أيدلوجياً مهما كان إنما هو ليس فى مصلحة الأمة على المدى الطويل، وإفساد أخلاق الشباب وترسيخ الأخلاق الانتهازية فيه، كما رأيت خلال خدماتى للمجتمع والحزب الوطنى، وهذا ينطبق على شباب الإخوان المخدوعين فى قادتهم الذين لا يعرفون من القيم الإسلامية إلا أسماءها، وشباب أى حزب أيضاً، إن مصر كان بها أحزاب قبل الثورة معروفة بالاسم وكانت جميع تلك الأحزاب وطنية وكانت قوى الاستعمار تتجاذب ولاءها، ولكن بقيت مصر فوق الجميع ومصلحة مصر فوق الجميع.
وهل ما نراه الآن من طمع وجشع البعض بما فيهم بعض رجال الأعمال المتزاوجين مع السلطة إلا نتاج ثقافة معظهم الذين كانوا من نتاجا لمنظمة الشباب والتنظيم الطليعى فى ذلك العهد؟.
وأخيراً، هل هل تمتد خدمات جمعية شباب المستقبل إلى جميع طبقات الشعب؟، لا أعتقد ونحن بهذا نخلق نظاماً طبقياً جديداً مبنيا على الحقد وانتهاز الفرص والنفاق والفساد.
إنى قد بلغت اللهم فاشهد.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة