الشهيدة مروة الشربينى ليست فقط «ضحية الحجاب» كما نطلق عليها فى الإعلام ولكنها أيضا ضحية جهل أوساط عريضة فى الغرب بحقيقة المسلم والإسلام، وضحية استخفاف رسمى وشعبى غربى بحق المسلم والعربى، وهى بلا شك ضحية تخاذلنا الصارخ أو ربما ضعفنا الموجع.
هذا الضعف والتخاذل هو الذى أنتج تجاهل الإعلام الألمانى (باستثناءات بسيطة جدا) لهذه الجريمة البشعة التى كان يجب أن تهز كيان ومشاعر الشعب الألمانى، أليس هذا هو الشعب المتحضر الديمقراطى الذى ينعم بحكومات ترعى حقوق الإنسان والحرية، والذى يدمع ندما على ما عاناه إخوانه اليهود فى الهولوكوست؟!.. فقط تخيلوا لو حدثت هذه الجريمة فى نفس المكان وبنفس التفاصيل إلا شىء واحد..
إذا كانت الضحية إسرائيلية، يهودية الديانة، ماذا كان يمكن أن يكون سيناريو ما بعد وقوع الجريمة؟ ناهيك عن الفزع الرسمى الذى كان يمكن أن يصيب برلين رُعبا من اتهام ألمانيا كلها بمعاداة السامية، أو الضغوط التى كانت يمكن أن تمارس لانتزاع تصريحات رسمية فى أى مناسبة قريبة للتذكير بضحايا الهولوكوست، والتأكيد أمام الشعب الألمانى والعالم على أنه يجب العمل بكل جدية على ألا تتكرر مثل هذه الجريمة الشنعاء التى تعيد إلى الذاكرة مآسى العنصرية والنازية، الأهم من ذلك هو ردود الفعل الصحفية والإعلامية التى كانت ستبحث فى كل جانب من جوانب الجريمة وتجعل منها خبر الصفحات الأولى والنشرات الرئيسية، إن كان ذلك من قِبل الرعب من اللوبيات الصهيونية أو من قِِِبل التأثر الإنسانى بالمأساة أو من قِبَل الخضوع لضغوط وتوازنات رسمية سياسية أو أضعف الإيمان من قِبل المهنية الصحفية، كان الإعلام سيفجر كل زوايا الجريمة فى عشرات التقاريرعن قصة الضحية «الحامل» ودراستها فى ألمانيا وتعايشها، ووقائع الجريمة نفسها وتحرش القاتل المسبق بالضحية، والغياب الكامل للإجراءات الأمنية فى المحاكم؛ فإن وقوع جريمة قتل فى أى قاعة محكمة فى العالم الثالث هى فى حد ذاتها مادة خبرية، فما بالك بألمانيا؟ وقصة القاتل وخلفيته وعنصريته، والعبث الذى جاء على لسان ضابط البوليس الألمانى من أنه كان يظن أن زوج الضحية هو الجانى لذا أطلق عليه النار وهى أقوال فى حد ذاتها تستحق المحاسبة والمقاضاة، ومأساة الطفل الصغير، ابن الضحية الذى شاهد أمه تقتل..
أما إذا عدنا إلى السيناريو الحالى الواقعى والضحية فيه هى مروة المسلمة المصرية، فيبدو أن صحفيى الإعلام الألمانى لم يَجدوا ما يستحق التغطية أو ما يصلح لنشراتهم!.. الموضوع ليس مِهنية الإعلام الألمانى، الموضوع هو كيفية تأثيرنا وإمكانية ممارستنا لأى ضغط على الإعلام الألمانى أو أى جهة أخرى، ولا يأتى هذا بين يوم وليلة، بل بسنوات من تراكم تصحيح الصورة وإظهار القوة..
رحمك الله يا مروة وأسكنك فسيح جناته، وجعلك لنا ولو خطوة صغيرة لصحوة من تخاذلنا وضعفنا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة