شاركت مؤخراً فى لقاء فكرى دار حول (الإعلام ودوره فى مناهضة العنف)، نظمه برنامج شباب الإعلاميين بمنتدى حوار الثقافات، بالهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، حيث يسعى منتدى حوار الثقافات إلى الإسهام فى دعم ثقافة الحوار وتشجيع مناخ من التفاعل والتفاهم بين فئات المجتمع المتعددة ثقافياً وفكرياً، وذلك فى إطار عملية التطور والتحديث المجتمعى وتنمية مجتمع المواطنة والعدالة والحرية والانفتاح والتفكير العلمى.
تحدث فى اللقاء نخبة من المثقفين والمفكرين وأساتذة الجامعة، وشارك فى الحضور عدد كبير من شباب الإعلاميين من مختلف المؤسسات الإعلامية المقرؤة والمرئية والمسموعة والإلكترونية، فكان لقاءً غنياً من حيث مناقشة الكثير من الرؤى والأفكار.
لقد انطلق منظمو اللقاء من فرضية أساسية، من الواضح أنها صارت حقيقة واقعة، وهى تفشى ظاهرة العنف فى المجتمع المصرى. ولعل الرابط الأساسى والمساحة المشتركة، بين الإعلام من جهة والعنف من جهة أخرى، هو أن الإعلام يدعم العنف ويشجعه فى بعض الأحيان من خلال المعالجة الإعلامية المغلوطة لكثير من المواقف والحوادث، وكذا تعصب بعض وسائل الإعلام تجاه فريق لحساب فريق آخر وهو الأمر الذى يكشف عدم إيمان البعض بالتعددية والتنوع وحق الاختلاف، إضافة إلى الاهتمام بنشر تفاصيل الجرائم والحوادث على مختلف أنواعها وسياقاتها.
إن المتابع الجيد لعناوين بعض الصحف ومانشيتاتها وكذا بعض الأعمال السينمائية وبعض أعمال الدراما التليفزيونية، سوف يتعرض ويتعرف على كم هائل من العنف، مما يمثل خطورة كبيرة على سلامة المجتمع لاسيما وأن كثيرين يشاهدون مناظر العنف أو يقرأون قصصه وحكاياته فيتحلون بالعنف فى حياتهم والكثير من أنشطتهم.
لقد أشارت الكثير من الأدبيات النظرية الخاصة بعلوم الإعلام إلى أن وظائف الإعلام الأساسية تتمثل فى عدة وظائف إيجابية منها الإخبار والإنباء والتثقيف والتعليم والتنوير والتنمية، فضلاً عن الحاجة للتسلية والترفيه.. إلى غيرها من قيم ووظائف إيجابية مطلوبة. ولكن القيام بتدعيم العنف وثقافته يمثل دوراً سلبياً ووظيفة غير مطلوبة خاصة ونحن نتطلع لسيادة ثقافة السلام المجتمعى وقيم التسامح والتعددية والتنوع وقبول الآخر.
قد يكون من الضرورى هنا التركيز على فكرة المسئولية الاجتماعية كنظرية إعلامية تقوم على أساس أن المسئولية هى الوجه الآخر للحرية، وأنه على الإعلاميين الالتزام بقيم المجتمع الايجابية ومنها قيم التحابب والتعاون والتسامح والتعايش السلمى وقبول الآخر والعمل المشترك.
أعلم أن وسائل الإعلام ليست عصا سحرية تحرك الناس يميناً ويساراً حسبما تريد، حيث أن هناك مؤسسات أخرى، إلى جانب المؤسسات الإعلامية، تساهم فى تشكيل وجدان الجماهير وعقولهم منها المؤسسات الدينية والتعليمية والثقافية. ومن جانب آخر فإن المواطن لم يعد متلقياً سلبياً فهو ينتقى ويفكر ويفاعل مع ما يتعرض له من رسائل عبر وسائل الإعلام المختلفة، ولكن يبقى للإعلام مع ذلك تأثير كبير ومهم.
وتبقى كلمة وهى أن علاج العنف يحتاج إلى وقفة مجتمعية جادة من قبل الإعلاميين وعلماء الاجتماع ونشطاء المجتمع المدنى وكافة مؤسسات المجتمع.. لأننا جميعاً مسئولون.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة