أدعى ربنا يسامحنى.. كنت قد أقسمت باسمه ألا أكتب شيئا عن الحاج سيد القمنى على اعتبار أنه راجل كبير ويجب احترامه- كنت قد أقسمت ألا أتدخل فيما يقوله أو يقال عنه، أو ما يلقى به من قىء فكرى، كنت قد أقسمت أن هذا الرجل لا شىء له عندى إلا رفض واستنكار دعوات تكفيره، دون أن أكتب كلمة واحدة عنه لأن الحبر الذى أخرج هذه السطور للنور أغلى وأهم عندى من أطروحات سيد القمنى وهجص الهجاصين حوله باسم الدولة المدنية وحرية التعبير.. هنا كان لابد أن أعتذر للحبر سائلا وجافا، وأتدخل لأصحح لصاحب الدكتوراه المشكوك فى شرعيتها والمتابعين لقضيته بالدعم أو الهجوم أمرين.. الأول يتعلق بشماعة الدولة المدنية، ذلك الحلم الذى أصبح حبل غسيل يأتى كل من هب ودب لينشر عليه أفكاره التى طورها دعكا فى طشت غسيل على شط الترعة، فالقمنى الذى يداعب عقول المثقفين ببريق الدولة المدنية ويقدم نفسه على أنه شهيدها، لم يقدم للمجتمع الفكرى أى جديد باستثناء بعض الأوراق والكتب التى تعيد قراءة التاريخ الإسلامى بشكل يشبه كثيرا ما يطرحه المتعصبون فى غرف الدردشة على الإنترنت، القمنى فى كتبه «الحزب الهاشمى» و«الدولة المحمدية» و«حروب دولة الرسول» لم يقدم جديدا سوى أنه أعاد تحبيش وشطشطة بعض الأفكار التى طرحها باحترام مفكرون كبار من قبله بعشرات ومئات السنين، ولكنه أعاد تصديرها للجمهور على طريقة الصحف الصفراء. القمنى لعب على حبل الدولة المدنية بمهارة وهو على يقين من أن الإعلام سيخشى مواجهته خوفا من أن يتهم بمساندة التكفيريين، وهو الاتهام الذى يوجهه القمنى وشلته إلى كل مثقف وإعلامى قاده حظه لقراءة ما سطره الدكتور سيد فى وقت فراغه مثلما حدث مع بلال فضل مؤخرا.
الأمر الثانى فى مسألة الحاج سيد القمنى يكمن فى حشره لاسمه بجوار مفكرين كبار بحجم الراحل الدكتور فرج فودة والدكتور نصر حامد أبوزيد، وتلك خطيئة لن تغفرها السماء لا لسيد القمنى ولا لكل من يدعى أنه يحمى الدولة المدنية وحرية التعبير، فأين سيد القمنى بمقالاته وهلسه من مشروع الدكتور فرج فودة الفكرى المتكامل، وأين تخاريف القمنى من أطروحات الرائع نصر حامد أبوزيد؟، وهل يستوى الرجل الذى هرب ونزل تحت السرير مع أول تهديد وأعلن توبته عن أفكاره وكأنه يتخلص من كيس زبالة فى سلة مهملات مع الرجل الذى ظل ثابتا على موقفه أمام رصاصات الموت ولقى حتفه شهيدا لفكره ورأيه ورسالته؟ كيف تسمح لكم أنفسكم أن تضعوا القمنى فى كفة واحدة مع الدكتور فرج فودة؟ ربما هو الجهل وربما هى الكارثة التى ابتلى الله بها المصريين.. لا يقرأون، وبالتالى طبيعى جدا لناس لا تقرأ ألا تفرق بين ألف الدكتور فرج فودة، وكوز درة سيد القمنى.
يا حاج سيد نحن ضد تهديدك بالقتل، ليس خوفا على أفكارك الجهنمية لا سمح الله، ولكن خوفا على مستقبل تلك الدولة المدنية.. دولة الاجتهاد والتنوير التى شوهتها أنت وأمثالك بشطحاتك ورغباتك فى صنع وجبة فكرية سبايسى تسمح لك بالظهور فى الصورة، «فنام وارتاح» يا حاج سيد لأن كل فلاشات كاميرات التصوير مسلطة عليك الآن، ولكن يجب أن تعلم أن مصير كل هذه الصور سيتم إضافته على فواتير الكهرباء.. فاهمنى طبعا!!