حدثنى صديقى الفيلسوف تَعِباً من الحوار مع بنى البشر بعد انخفاض أسلوب الحوار الراقى، وادعاء امتلاك الحقيقة المطلقة لكل من تحدث معه، فقال لى: قررت ألا أسترسل فى حواراتى مع بنى البشر، وذهبت فى رحلة استجمام إلى إحدى قرى المنيا بصعيد مصر وتأملت وسط الحقول الخضراء، فرأيت حماراً يستريح بعد عمل شاق.. يأكل من العشب الأخضر فى هدوء وسكينة، اقتربت منه آملاً فى النقاش معه بعد يأسى من الحوار مع بنى البشر وإحساسى بعدم جدواها..
الفيلسوف: صباح الخير أيها الحمار المجتهد.
الحمار ببساطة: صباح الخير أيها الإنسان المتجبر القاسى، عديم الوفاء، قليل الاحتمال، المحب لذاته بنرجسية شديدة، الظالم المستبد!
الفيلسوف متعجباً: هل هذه تحية الحمير للبشر! أم عداء شخصى! ثم لماذا كل هذه الألقاب متجبر، قاسى، ظالم، نرجسى..
الحمار متعجبا: ألست أنت إنساناً!
الفيلسوف: نعم
صاح الحمار: إذن لماذا الاعتراض على تلك الألقاب؟!! ألست متجبراً على أخيك الضعيف!! ألستم يا معشر البشر نرجسيين، وتعتقدون أنكم الأفضل والأرحم؟!! ولكن بينكم من فاقت شراسته أشرس الحيوانات.. ألستم أنتم بنى البشر بارعون فى النفاق والهروب من المسئولية وتملق الرؤساء!!
الفيلسوف مقاطعاً بسرعة: لا لا لا..
الحمار: هل سمعت عن حمار ينتهك حرية بنى جنسه ليصرح بأنهم يؤيدون ترشيحا آخر ليصبح زعيماً لهم، وهل رأيت حمار ينشر لوحات فى كل بقاع الأرض لتلك المهزلة؟!! ثم هل رأيت حماراً يختزل 24 مليون حمار فى شخصه؟!! هل رأيت حماراً أمر ذات يوم بذبح بنى جنسه أمام كاميرات التصوير؟!! هل رأيت حماراً قام بذبح من قدم مساعدة له؟!! هل سمعت حمارا ادَّعى أنه امتلك الحقيقة المطلقة واعتبر الآخر إما كافرا أو ملحدا أو زنديقا؟!! هل ترى حماراً يستحل دم بنى جنسه؟!! هل رأيت حماراً يسرق كلية حمار آخر؟!! هل رأيت حماراً طامعاً فى الرغد والسعة متاجرا بأرواح بنى جنسه فتاجر فى البرسيم غير الصالح للاستخدام الحميرى؟!! هل رأيت حمارا بسبب طمعه نفق 1300 نفس حميرية؟!! هل رأيت حماراً يتحرك بأيديولوجية كراهية وحقد للآخر فيأمر بقتل قطعان من الماعز؟!! هل رأيت حماراً أمر بحجب جائزة عن ناشط مجتهد؟!!
هل.. وهل.. وهل... مئات الآلاف من الأسئلة توجه لكم معشر بنى البشر فقد لوثتم الصورة الطبيعية للحياة الجميلة، فأهنتم واستحللتم المخالف لفكركم من بنى جنسكم.
الفيلسوف بصوت منخفض: معك حق ولكن هذه الأخطاء لا يرتكبها جميع البشر بل فقط عدد محدود منهم..
الحمار مقاطعاً: ألست تتفق معى بأن بنى البشر النرجسيين يشعرون بأنهم يمتلكون حق الخالق فى التكفير والإيمان للآخر، أليس هذا اغتصاب حق الله؟
ألا تفكرون للحظة واحدة إن كان عذاب الإنسان على أيدى بنى جلدته لماذا تٌحَاسبون فى اليوم الأخير؟!!
الفيلسوف: نعم معك حق.
صمت الفيلسوف ولم يملك سوى الإعجاب بالحمار الفيلسوف وأعجبت به أنا أيضاً فإذا بى أنطق من شدة إعجابى بالحمار الفيلسوف قائلاً للفيلسوف "أنت تستحق لقب..."
فإذا به يقول مقاطعاً لو سمحت لا تعطينى لقب إنسان.
لو سمحت لا تعطينى لقب إنسان.
هذه قصة الفيلسوف والحمار.. أيهما فيلسوف؟!! ومن يستحق اللقب؟!