عجبت لك يا زمن، واستعجبت من الحكومة الإلكترونية، التى تبحث عن العدو البعيد وتترك العدو القريب، الذى يعسكر على أبواب البيت وفى الشوارع. كان متوقعاً من مجلس المحافظين الموقر، الذى اجتمع الأسبوع الماضى، أن يشعر بالفزع من مشهد أكوام الزبالة فى الشوارع وأن يفرد فصلاً أو ساعة أو ربع ساعة من وقته الثمين لمناقشة أكوام القمامة التى تملأ الشوارع من حولنا، بسبب الفشل فى التعامل مع قضية تنظيف العاصمة والمحافظات، وأن يصل إلى حل للتعامل مع الشركات الأجنبية والإيطالية والفرنسة التى جاءت وتعاقدت وحصلت على مليارات من جيوب المواطنين ثم اختلفت مع الحكومة، وتركت القمامة فى الشوارع، حيث عجزت الحكومة والمحافظات والأحياء والأموات عن رفعها ومواجهتها والتعامل معها، مع أننا نعيش فى كنف حكومة إلكترونية، يبدو أنها اعتبرت الزبالة والوساخة والقمامة قضية فرعية لا تهم إلا النخبة المثقفة، بينما الحكومة منشغلة بالقضايا الكونية الكبرى مثل طلوع القمر أو السطوح.
كيف يمكننا أن نثق فى حكومة إلكترونية ونحن نرى الزبالة فى الشوارع والحوارى تتوالد وتكاثر، ربما لأن الحكومة تهدف من وراء أكوام القمامة عمل متاريس يمكن للمواطنين الاختفاء خلفها من هجوم أنفلونزا الخنازير "إتش وان إن وان".. وأن يمسك كل محافظ بندقية ليطلق الرصاص على الفيروس الخطير من وراء المتراس.
محافظة الجيزة الموقرة اجتمعت بكل رجالها وهيئات أركان حربها لتبحث عن السبب فى تراكم الزبالة فى جبال ضخمة بالشوارع والحوارى، وبعد البحث والاختلاف تم تأجيل المفاوضات مع الزبالة، إلى ما بعد العيد، ولم ينتاب السادة أعضاء المجالس الشعبية أو رؤساء الأحياء والأموات أى نوع من القلق من شكل جبال القمامة فى الشوارع وأننا فى شهر رمضان والاستهلاك زائد وأن العيد يفترض أن يأتى والشوارع نظيفة، وفيما يبدو أن محافظة الجيزة قررت تعميم أهرامات الزبالة فى شوارع الجيزة لتضاف إلى المعالم السياحية مثل أهرامات خوفو وخفرع ومنقرع، وأهرامات قمام رع وزبال حتب وتراب ست. وسوف تذكر كتب التاريخ لمحافظى القاهرة والجيزة وأكتوبر وحلوان أنهم بناة الأهرامات الحديثة والمتحركة، وتعميمها فى أنحاء البلاد. وربما كانت مفاوضات محافظتى القاهرة والجيزة مع الشركات الأجنبية الغضبانة تهدف لوضع أهرامات الزبالة على الخريطة السياحية لمصر حتى يمكن لزوارنا السياح أن يستمتعوا برؤيتها، ويمكننا أن نربى حول الزبالة أسراباً من الذباب الأسود الجميل الذى سوف يصنع برفرفته أشكالاً هندسية تجذب السياح، وحبذا لو نظمنا مسابقات بين الذباب والمحافظة التى تفوز بأكبر قدر من الزبالة والذباب حصل على درع الهرم القمامى الكبير.
ولاشك أن هناك حكمة عميقة تقف وراء صمت الحكومة وتجاهل المحافظات لقضية الزبالة، التى تتزايد طردياً مع مضاعفة الأموال التى يتم جمعها من المواطنين كرسوم نظافة على فواتير الكهرباء، وكلما تم رفع الرسوم ارتفعت الزبالة وكان الحكومة تحوش للمواطنين والأجيال القادمة نصيبهم من الزبالة. وربما فكروا مثل تودرى وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة وقرروا تحويل القمامة إلى بترول من أجل إنتاج المزيد من الطاقة الكهربائية المهمة للاستثمار. أو التفكير فى تصدير القمامة لرفع معدلات التصدير بالبلاد.
وهل هناك علاقة بين العجز عن تنظيف العاصمة وبين الحكومة الإلكترونية وزيادة مناعة المواطنين بطريقة تكديس المرض وداونى بالتى كانت هى الداء.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة