خالد صلاح

وزارة إعلام محمود محيى الدين

الجمعة، 18 سبتمبر 2009 12:43 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل وصل الأمر بوزارة الاستثمار أن تفقد الأمل فى المنظومة الإعلامية المصرية الرسمية وتسعى إلى إطلاق كيان إعلامى مستقل لخدمة نشاط جذب الاستثمارات العربية والأجنبية؟، وهل جاء الوقت الذى تفكر فيه كل وزارة لأن تعمل بمفردها على صعيد الرأى العام ودون أى دعم إعلامى أو إعلانى من أحد ودون انتظار لثورة إصلاحية فى الرسالة الإعلامية الرسمية تجاه الاستثمار الخاص؟.

هل أصبح على كل وزير أن يبحث بنفسه ولنفسه ولوزارته عن الأدوات الإعلامية المناسبة ووسائل ترويج الأفكار الجديدة داخل وزارته، لانقطاع الأمل لديه فى أن يلتفت الإعلام الحكومى أو الخاص إلى رسالة وطنية أهم، بعد أن انتصر بيزنس التجارة والشطارة على قيم الإعلام والإعلان فى مصر؟.

المعلومات من داخل وزارة الاستثمار تؤكد أن الوزير الدكتور محمود محيى الدين قد أحيا من جديد وبإلحاح وإصرار بالغين مشروعه (الخجول) لإطلاق قناة فضائية تكون وزارة الاستثمار أو أحد هيئاتها الرئيسية مساهما أساسياً فيها، بالإضافة إلى مساهمات من القطاع الخاص، ويكون لهذه القناة الفضائية ذراع صحفى آخر بإصدار مجلة اقتصادية تعمد إلى القضايا الأكثر عمقا فى مجال الاستثمار، وتشجع على دعم الأفكار الاقتصادية الجديدة فى مصر بدءاً من احترام العمل الخاص وحتى الإيمان بأهمية برامج إعادة الهيكلة، ومروراً على كل الأفكار الجديدة التى تتبناها وزارة الاستثمار والتى كان آخرها مشروع صكوك الملكية الشعبية للقطاع العام.

الروح دبت من جديد وبشكل مفاجئ داخل وزارة الاستثمار فى هذا المشروع الإعلامى خاصة بعد أن نجح الوزير فى حسم خلافات متعددة كان قد سببها على عبد العزيز رئيس الشركة القابضة للسياحة والسينما خلال الاجتماعات الأولى لهذا المشروع، الأمر الذى أدى إلى التعثر، وتسبب فى تعطيل كبير، فضلاً عن المشكلات التى ظهرت فى طريق عملية تأسيس هذه المحطة، وهذا الكيان الإعلامى المستقل.

أستطيع أن أتفهم هنا الأسباب التى تدفع رجلاً فى جدية محمود محيى الدين وحيويته السياسية والتنفيذية أن يعيد إحياء وتحريك هذا المشروع من جديد، فالوزير الشاب يقرأ بعناية ما يجرى فى الدراما المصرية والإعلام الحكومى بقنواته المختلفة من معاندة مبالغ فيها أحيانا للاستراتيجية المصرية فى الاقتصاد الحر.

يقرأ ما يتضمنه المحتوى البرامجى على شاشات الفضائيات، من المضى عكس اتجاه الخطوات الإصلاحية الهيكلية التى تبادر بها الدولة فى ميدان التحرير الاقتصادى، فلا يوجد مسلسل درامى أو فيلم فى السينما إلا واعتبر المعاش المبكر وبالا على الناس، واعتبر الاستثمار الأجنبى خطراً على الهوية وعلى المستقبل، واعتبر بيع القطاع العام جريمة فى حق مصر، واعتبر القائمين على البيع مفرطين فى الحقوق المصرية والثوابت الوطنية ومتلاعبين بالمستقبل، أى أن وزارة الاستثمار تمضى فى طريق، والإعلام المصرى يمضى فى طريق آخر مضاد أكثر قوة وعنفا وتأثيراً.

الوزير الشاب المعنى بالإصلاح الاقتصادى يراقب هنا كل ما يجرى، وربما يتابع إخفاق الإعلام الحكومى فى إنتاج رسالة درامية أو برامجية أو إخبارية تشجع سياسات الدولة فى هذه الثورة الإصلاحية، وربما يتابع أيضاً الإخفاق فى إعادة بناء تصور إعلامى جديد يشجع الناس على العمل الخاص وعلى الاستثمار الحر.

وربما يتابع أيضاً فقدان الدراما والأخبار والبرامج وكل مفردات المنتج الإعلامى الرسمى لكل ما يشجع على التفاؤل بحركة الاقتصاد المصرى، أو يساعد على نجاح الرسالة الأساسية لوزارة الاستثمار، بما يصنع مناخاً مؤهلاً لهذا التطور الاستثمارى وملائما لحركة التحول فى مراحلها المختلفة.

لا أشك فى أن وزير الاستثمار يشعر بالملل واليأس أحياناً من مضى الإعلام الحكومى على عكس الاتجاه العام الذى تنتهجه الدولة فى الخصخصة، وإعادة الهيكلة، والاستثمارات الحرة، وعلى عكس الجهد الذى يقوم به هو شخصياً فى هذا المجال، ومن ثم كان الحل من جديد فى إحياء مشروع القناة الفضائية التابعة لوزارة الاستثمار لتستعيد، من وجهة نظر الوزارة، مبادرة الحركة فى السوق وتقدم رسالة إعلامية نوعية لا تخلو من الجاذبية والتشويق فى الوقت نفسه الذى تعمل فيه على مقاومة هذه الصور السلبية عن الاستثمار الخاص فى المجتمع، ليس بالتدليس والكذب أو التستر على الفساد أو المخالفات بل بإعلان الحقائق موثقة وأكيدة لحسم الشكوك فى قلوب الناس تجاه الاقتصاد الحر وتداعياته.

تقديرى الشخصى ينحاز لوزير الاستثمار فى هذه الخطوة، فما الذى يمكن أن يفعله سوى (التفكير خارج الصندوق المغلق) والبحث عن نافذة إعلامية مستقلة طالما تخلى الإعلام الحكومى عن رسالته، وتحولت الدراما التى تنتجها الحكومة أو التى تشتريها الحكومة إلى سيف ضد التطور الاقتصادى، دون أن يقف من داخل منظومة الإعلام رجل رشيد يفكر فى الأمر بدقة، ويعيد تصحيح الصورة باحتراف.

محمود محيى الدين ظهره إلى الحائط، الأزمة المالية من جهة، وميراث القطاع العام فى الداخل من جهة أخرى، ثم هذا الجهل بأهداف التحرير والليبرالية الاقتصادية فى الإعلام المضاد، داخل تليفزيون الحكومة نفسه، سيف الإعلام الرسمى الذى كان يظن أى وزير للاستثمار أنه سيقاتل فى صفه ثم يكتشف بغتة أنه يقاتل ضده باستماتة بل وضد الليبرالية الاقتصادية وضد الحريات وضد الاستثمارات الخارجية أحياناً، فى المسلسلات والبرامج.
السؤال هنا، هل سيمضى محمود محيى الدين حتى النهاية دون أن يخرج له من بين زملائه فى الوزارة أو الحزب الوطنى من يضع العصا فى العجلة ويعطل هذا المشروع؟.

والسؤال أيضاً للدكتور محمود.. هل أنت على يقين من أن الوضع القانونى لهذه القناة المرتقبة، وهذا المشروع الإعلامى الجديد ثابت ومستقر ولن يتعرض لأى عاصفة تشكك فى بقائه من الناحية التشريعية؟.

ثم هل أنت واثق من أن هؤلاء الذين أسندت إليهم المشروع من قبل ثم حولوه إلى عزب خاصة أو وظفوه مبكراً لمصالحهم الشخصية وفرضوا أسماءهم على مجلس الإدارة لن يعودوا إلى التنازع فى المصالح الشخصية دون إدراك لأهمية مشروع القناة الجديدة على مستوى المصلحة العامة؟.

هذا المشروع متفرد، ويستحق المساندة لتغيير الكثير من المفاهيم فى مصر، ولكنه مشروع مكلف وشديد الحساسية والأهم أنه لا يحتمل رفاهية الفشل.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة