كريم عبد السلام

العميان

السبت، 19 سبتمبر 2009 06:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حدث ما يلى: تقدم عدد من الطلبة الجدد للالتحاق بقسم الإخراج بمعهد السينما، وعرض الأساتذة على الطلاب، كموضوع للاختبار، آخر أفلام المخرج العبقرى ستانلى كوبريك "عيون مغلقة على اتساعها" بطولة نيكول كيدمان وتوم كروز؛ لكن الطلاب اعترضوا وثاروا، وسربوا أخبارا عن معهد السينما الذى يعرض أفلاما إباحية فى نهار رمضان.

يستوجب الموقف أسئلة، كلها تحرق الدم، لطرفى الحدث.. الطلاب المبتدئين الذين أدانوا عرض فيلم كوبريك وهم لم يضعوا أقدامهم بعد فى معهد السينما، وأساتذة المعهد معا..
أولا، بأى منطق يريد هؤلاء الطلاب أن يلتحقوا بمعهد السينما؟ ليتخرجوا ويعملوا موظفين فى الفضائيات، أم أنهم يريدون حقا التخصص فى صناعة الفن السابع؟

ثانيا، هل كان الطلاب المفترض أنهم بصدد التخصص فى صناعة السينما يقبلون ما رفضوه لو عرض عليهم بعد الإفطار مثلا؟ أو بعد انقضاء أيام الشهر الفضيل؟
ثالثا، هل كان الطلاب الذين أبدوا اعتراضهم على الفيلم يعرفون شيئا عن ستانلى كوبريك وتأثيره على السينما فنا وصناعة أصلا؟

رابعا، ألم يكن جديرا بأساتذة المعهد تصميم اختباراتهم للطلاب الجدد بعيدا عن منطق الصدمة والرعب، حتى يمكن لهم فرز العناصر الموهوبة والراغبة حقا فى دراسة السينما كاختيار وليس كمشروع وظيفة جيدة مستقبلا؟

الغريب أن الفيلم الذى تمت إهانته فى معهد السينما "عيون مغلقة على اتساعها"، يتناول ازدواجية شبيهة من طرف ما، بما يعيشه الطلاب الذين اعترضوا على عرض الفيلم داخل معامل معهد السينما، وشبيهة بازدواجية المجتمع كله، الفيلم يتناول مفهوم الخيانة، خيانة الذات وخيانة الآخر الشريك، ولكن بأسلوب كوبريك العنيف والمبهر والمستفز، الذى يضع الإنسان أمام أشد الأسئلة صعوبة وجذرية، ويخرجه من محاولات التواطؤ وسياسات النفاق التى تلجأ إليها المجتمعات المأزومة بالهروب إلى قضايا جدلية أو سفسطة دينية لا طائل من ورائها.

لم يكن أساتذة المعهد موفقين فى تحديد هذا الاختبار الصعب، لطلاب هم أبناء أمناء للحظتهم ومجتمعهم، حيث تختلط الأدوار والتخصصات والمهام لدرجة أن يعمل أستاذ الفيزياء واعظا ويعمل الواعظ طبيبا، وينصب طلاب مبتدئون أنفسهم قيمين على المناهج الدراسية التى يدرسونها وكانت النتيجة أنهم هربوا من الاختبار إلى إلقاء كرسى فى الكلوب وإدانة معهد السينما وأساتذته وستانلى كوبريك أيضا.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة