د. بليغ حمدى

حقوق المرأة فى الإسلام

الخميس، 03 سبتمبر 2009 05:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من الموضوعات التى أفرزتها مشاركات القراء حول مقالى السابق باليوم السابع "ما لا يعرفه أوباما عن الإسلام" موضوع حقوق المرأة فى الإسلام، ووجدت بعض مشاركاتهم تشير خفية إلى أن الإسلام معاد حقيقى للمرأة، وأنه هضم حقها، وأغفل حقيقتها ودورها التاريخى قبل الإنسانى. والمجال غير متسع لعرض وضع المرأة قبل الإسلام، وما كان عليه النكاح من صور أكثر وحشية وهمجية واحتقاراً لها من نكاح استبضاع، إلى نكاح الرهط، مروراً بنكاح صواحبات الرايات، انتهاءً بنكاح الشغار والبدل والضغينة.

لكن الذى يعنينا فى السطور القليلة القادمة توضيح حضارة الإسلام المدنية التى خص بها المرأة. ولا شك أن موقف المرأة كان صعباً فى ظل التصور الإسلامى لبعض الصحابة، ورغم ذلك شاركت النساء فى النضال اليومى للعيش والحياة الاجتماعية والاكتشاف اليومى لطبيعة الإسلام، فكن يعملن بالإضافة إلى اكتشاف أحكام القرآن والإسلام دون تمييز أو تهميش أو إلغاء، وهذا يدل على أن المرأة ليست هى العورة، بل إن العورة هى العورة، وهو ما فصله رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم)، فكانت المرأة تغزل وتنسج وتبيع ما تصنعه وسط مرأى ومسمع الجميع، وهذا يؤكد طبيعة المجتمع المدنى الذى لا يميز أى فرد عن بقية أعضائه.

ولو أن الإسلام قد قوض مكانة المرأة، وسعى إلى تغييبها حضارياً لما سمعنا أسماءً بعينها من نساء الإسلام الصالحات، كالسيدة خديجة، والسيدة صفية، والسيدة فاطمة، وزينب بنت جحش، وأم أيوب الأنصارى، وجهيزة، وأم حكيم، وغيرهن كثيرات. ولابد أن نقر حقيقة تاريخية وهى أن الإسلام أنصف المرأة الإنصاف كله، وأزال عنها ما لحقها من ظلم، وحررها من العبودية واستغلال جسدها، ورفع مكانتها وأعلى منزلتها، فى الوقت الذى لم يعترف الغرب بحقوق المرأة إلا فى القرن التاسع عشر بعد جهاد طويل.

وعجيب جداً أمر هؤلاء الذين يقصرون حقوق المرأة فى حجابها وارتدائها للبنطال، ومشاركتها العمل وسط الرجال، وذهابها إلى صلاة التراويح، وغيرها من القضايا الجدلية لصرف الأنظار عن سماحة الإسلام وإتاحة الحرية للمرأة فى معاملات البيع والشراء، والاحتفاظ بمالها، وقد أجاز لها حق التملك، وساوى بينها وبين الرجل. والله تعالى يقول فى ذلك: (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فألئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا).

والإسلام الحنيف لم يمنع المرأة من الجهاد والعمل، قال تعالى: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة)، والتاريخ الإسلامى يحفظ أسماء الصحابيات اللاتى جاهدن فى سبيل الله مثل الربيع بنت معوذ التى قالت: كنا نغزو مع رسول الله نسقى القوم ونخدمهم ونداوى الجرحى، ونرد القتلى إلى المدينة. هذا بخلاف ما صنعه الإسلام للمرأة من حق الميراث وكانت لا ترث، وكذلك تحريمه لوأد البنات وهن صغيرات.
لكن معظم المتأسلمين يضيقون النظرة نحو الإسلام ويصرون على إظهار الفروق القليلة بين حقوق وواجبات كل من الرجل والمرأة، ونؤكد لهم أن هذه الفروق المعدودة كما ذكر شيخنا محمد الغزالى احترام لأصل الفطرة الإنسانية وما ينبنى عليها من تفاوت الوظائف، فالأساس قوله تعالى: (فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض).

وأكاد أجزم لهؤلاء الذين يؤكدون خفية وجهراً على أن الإسلام قد قهر المرأة، بأن أبين لهم أن الإسلام منح لها حق الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والتدريس، بل ومجادلة الملاحدة والمارقين. لكن المحاربين ملتزمون بقضايا فتنة ذكر المرأة لاسمها، ووجهها العورة، وصوتها العورة، والكارثة أننا ابتلينا منذ فترة ليست بالقريبة بأناس لا يتدبرون القرآن، ويحرفون كلام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن مواضعه، فيبذلون قصارى جهدهم فى إحداث فتنة حقيقية سلاحهم فيها المرأة.

لقد بنيت حقوق المرأة فى الإسلام على أعدل أساس يتقرر به إنصاف صاحب الحق، وإنصاف سائر البشر معه، وهو أساس المساواة بين الحقوق والواجبات، وإذا كانت الدول المتقدمة اليوم تنادى بتمكين المرأة اجتماعيا وسياسياً ودينياً، فإن الإسلام منذ أربعة عشر قرناً وثلاثين سنة قام بهذا، وخير دليل بيعة العقبة الكبرى، ومن العجب ترك الزمام لهؤلاء الذين يصرون على جعل المرأة كائنا غير طاهر، وهذا باطل، وأنها كلها عورة، وهذا باطل، وأنها كائن ناقص، ومن منا يتسم بالكمال والتمام، وأنها عديمة التفكير، رحم الله أمى التى علمتنى، ولهم جميعاً أردد قول الشاعر: إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه وصدق ما يعتاده من توهم








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة