جاءت ندوة "المواجهة الشاملة للعنف" التى عقدها أمس الأحد مركز بحوث الشرطة، بمشاركة خبراء من وزارة العدل، مميزة فى توقيتها وتوصياتها، بعد أيام قليلة من حادث الاعتداء الدامى على المواطنين فى نجع حمادى.
تناول خبراء العدل وقيادات العمل الأمنى مفهوم العنف فى المجتمع خلال اللحظة الراهنة، ورغم اختلافى مع أحد الاستخلاصات الأساسية التى اجتمعوا عليها فى الندوة، من أن العنف لا يمثل ظاهرة فى المجتمع، ربما لأن المجتمعين قصدوا بحكم عملهم المباشر العنف المباشر فى صورته الفجة التى تكسر القانون، إلا أن مجموعة الاستخلاصات الأخرى عكست توجهاً مبشراً جداً لقيادات العمل الأمنى تجاه ظواهر الإنفلات التى تهدد السلام الاجتماعى، ومن هذه الاستخلاصات ضرورة العمل الجماعى بين مختلف قطاعات المجتمع فى مواجهة العنف وعدم قصر المواجهة على رجال الأمن وطالبوا باستراتيجية قومية للمواجهة بمشاركة منظمات المجتمع المدنى ووسائل الإعلام والقيادات الدينية والمؤسسات التربوية والتعليمية، إقراراً بأن العمل الأمنى وحده لا يعالج جذور المشكلة.
وما دمنا وصلنا إلى هذه النقطة المضيئة التى لا يختلف عليها أحد، فلابد وأن نبحث عن آليات جديدة ومختلفة لتطبيقها بحيث تحقق الهدف منها، وحتى لا تبقى مجرد عبارة نظرية تقال فى المناسبات وتتلقى الاستحسان.
وفى مقدمة آليات التطبيق المرجوة لمواجهة شاملة للعنف، يأتى دور وزارة الاستثمار فى إعطاء ميزات تفضيلية لرجال الأعمال حتى يتوجهوا بكثافة لإقامة مشروعات فى مناطق الصعيد بدءاً من المنيا وصولاً إلى حلايب وشلاتين، ليس على سبيل ضريبة الخدمة العامة للدولة ولا التبرع الوطنى، ولكن فى ضوء خطة واضحة لتنمية الجنوب وإتاحة فرص العمل الجديدة للمواطنين هناك والمشاركة فى تخطيط وإقامة المجتمعات الجديدة بدلاً من عملية الطرد المستمرة من الصعيد باتجاه مدن الشمال.
النقطة الثانية المهمة، تتمثل فى تحرك المجلس الأعلى للشباب والمجلس الأعلى للرياضة بمشاركة وزارة التضامن الاجتماعى فى استغلال المساحات الواسعة من الأراضى لإقامة كل ما يمكن من مراكز الشباب الجاذبة القادرة على إقامة نشاط فاعل رياضى واجتماعى وثقافى يستوعب طاقات الشباب وخلق فرص عمل من خلال الجمعيات الأهلية المهتمة بالصناعات الصغيرة والتأهيل الحرفى.
ثالثاً: فتح المجال أمام الأحزاب السياسية للعمل بحرية فى الصعيد، فالعمل السياسى لن يمثل تهديداً من أى نوع للسلام الاجتماعى لأنه يحول طاقة العنف من استخدام الرصاص ونفى الأخر إلى استخدام الفكر ومناقشة الآخر والاحتكام للمواطنين، كما أنه يكرس احترام القانون بين مختلف الفئات على اختلاف ثقافاتها وهو ما نحتاج للتأكيد عليه بشدة فى الصعيد حيث يغلب منطق رد الفعل الفردى مقروناً بالكرامة على منطق القانون ومساره فى إحقاق الحق.. هل نصل إلى وسيلة فعالة لتطبيق استخلاصات ندوة "المواجهة الشاملة للعنف".. يا رب..
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة