جاء فى وثيقة إعلان الدستور:
"أن كرامة الفرد انعكاس طبيعى لكرامة الوطن، وذلك أن الفرد هو حجر الأساس فى بناء الوطن، وبقيمة الفرد وبعمله وبكرامته تكون كرامة الوطن وقوته وهيبته".
كما أن حسن سير العدالة بلا أدنى ريب أخطر مرفق فى أى مجتمع متحضر يعرف للعدالة قيمتها وللكرامة الإنسانية قدرها، والحضارة هى العدالة والعدالة هى الحضارة، وخارج العدالة لا يمكن أن نجد إلا كل صور البغى والاستبداد.
وكل صور الهمجية والاستعباد التى لا يصح معها حديث عن حضارة المجتمع فى الفرد أو عن كرامة الفرد فى المجتمع.
وقياسا على ذلك، فإن إقرار مجلس الشعب لقانون الضرائب العقارية رقم 196 لسنة 2008.. جاء ضاراً بالسكينة الاجتماعية، وأن أعضاء مجلس الشعب الجدار الفولاذى الذين وافقوا على هذا القانون سوف يكون موقفهم حرجاً أمام دوائرهم التى قدمتهم للبرلمان.
كما أن أعضاء مجلس الشعب الذين ارتفعت أصواتهم، عندما قام الدكتور مفيد شهاب بعرض مسألة الجدار الفولاذى أمام نواب الأمة.. للدفاع عن حدود مصر.. حيث علت أصوات.. هؤلاء النواب من أجل ممارسة الضغوط لعدم قيام مصر بتأمين حدودها ضد الفساد، كان على هؤلاء أن يرفعوا هذه الأصوات عند عرض قانون الجباية رقم 196 لسنة 2008 لأنهم هنا سوف يدافعون عن محدودى الدخل أيضاً، فإن هناك من قاموا بعملية الخداع لتمرير هذا القانون، مدعين أن هذا النظام بدأ فى عام 1842 فى عهد محمد على باشا حاكم مصر.. وكأن فى هذا مسوغ لإعادة الظلم لشعب مصر.. ومعروف أن والى مصر كثرت فى عهده قرارات الإذعان وأنظمة الديكتاتورية.. فهل هذا قياس للأخذ بما كان فى سالف الزمان.
كما أن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 10 12 1948 تتعارض مواده مع هذا القانون.
كما أن المادة 38 من الدستور ـ نصت على: "يقوم النظام الضريبى على العدالة الاجتماعية".
ألم يقر أعضاء مجلس الشعب معنى المادة 119 من الدستور، والتى تناولت مفهوم إنشاء الضرائب.. وكذلك نص المادة 120 من الدستور حول تنظيم القانون للقواعد الأساسية لجباية الأموال.
إن النصوص الدستورية.. يجب أن يواكبها معايير التعامل مع القواعد الشعبية بحيث تكون روح التشريع هى الأساس فى كافة الصياغات التى تحافظ على السكينة الاجتماعية.. وأن يكون أى تشريع مقبولا.. فإذا كان ما صدر غير مقبول من الناس وجب العدول عنه.
كما أن القنوات الأرضية والفضائية.. كشفت عن رفض الشارع المصرى لهذا القانون غير المقبول الذى لم ترضَ عنه طوائف الشعب كله.
هل نسى مخترع هذا القانون أن أكثر من نصف المجتمع لا يعرفون القراءة والكتابة.. وأن هناك الملايين فى العشوائيات وفى استراحات المقابر غير مطالبين بتقديم الإقرار لأنهم معفيون.. إن السياسى المحنك.. يعرف مسبقاً أن طوابير المنافذ الضريبية سوف تكون أعلى مرتبة من طوابير الجمعيات الاستهلاكية، وكأن الهدف هو تجميع حشود هائلة من الناس لإخراج فيلم سينمائى موضوعه "يوم القيامة".
فهل مخترع هذا القانون السيئ السمعة يهدف إلى هز الاستقرار والسكينة الاجتماعية.. فى ظل ظروف صعبة تتعرض لها مصر داخلياً وخارجياً.. أم أنه يريد حصر العقارات السكنية.. وإذا كان الأمر كذلك فإن عندنا الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء الذى يقوم بذلك.
وهل فهم صاحب هذا العمل معنى تقديم الإقرار لسكان المقابر الذين يناموا فى أحواش لها أبواب وبها عدادات مياه وكهرباء.. أم أن هذا لسلامة هذا المجتمع المظلوم الذى يوجد بين أفراده طلاب وتلاميذ فى كافة المراحل الدراسية يلتحفون السماء ويفترشون الأرض مع الأموات وسكان القبور.
وهل شاهد فيلم "إنى لا أكذب ولكنى أتجمل" وكذلك فيلم "الشقة من حق الزوجة" وغيرهما من الأفلام التى قامت بتوثيق ظاهرة السكن فى المقابر.
وهذه الجباية أليست تكراراً للضرائب التى دفعت عند إنشاء العقارات سواء فى مواد البناء وأتعاب البنائين ثم ما كان يسمى بالعوائد.
ثم ما هو موقف من جمع لديه المال وبدلاً من أن يقيم عقاراً أودع أمواله فى المصارف.. وهى تنموا بها رويداً رويداً.. وهذا الشخص الذى أصبحت أمواله فى وعاء أمين غير مطالب بالإقرار.
ثم ما هو موقف الدولة من أصحاب المليارات وليست الملايين.
فى عهد الرئيس السادات نشرت بعض الصحف أن فى مصر ثلاثين شخصاً يملكون الملايين.. وكان هذا أمراً شاذاً. أما الآن فإن لدينا مئات المليارديرات رجالاً ونساء.. والذين وجهوا أموالهم لما يخص أعمال الرفاهية.. وأن عندهم من الزيادات ما يمكن أن يرفع عن كل كاهل محدودى الدخل بدلاً من تعسف القانون الجديد.
إن ثمن الإقرارات وحوافز العاملين أليس رقماً كبيراً نحن فى حاجة إليه، أم أن هذا أقل من ثمن الخطابات التى وردت للمصلحة بالبريد حاملة الإقرارات محل القانون الجديد.. هذا بالإضافة إلى نفقات الانتقالات التى قام بها أصحاب الإقرارات.. أم أن ترك أماكن العمل والذهاب إلى منافذ الضرائب ليس لها قيمة.
هناك مقولة تقول "الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها".
إن بعض المسئولين يسيئون إلى البرنامج الرئاسى الذى قدمه الرئيس مبارك للأمة فى سبتمبر 2005، والذى ليس منه حالة الرعب والهياج التى حدثت بسبب تقديم الإقرارات لأن برنامج الرئيس يهدف إلى الأمن والأمان والاستقرار من أجل إنجاح برامج التنمية.
وإذا كان التشريع لا يعبر عن احتياجات الشعب فلا لزوم له.. ونذكر هنا أنه فى بداية ثمانينيات القرن الماضى.. صدر تعديل لقانون التأمينات الاجتماعية.. وقد خض هذا التعديل الأجور المتغيرة للاشتراكات، إلا أن عمال كفر الدوار تظاهروا ضد هذا القانون، فأمر الرئيس مبارك بعدم تطبيقه على مدينة كفر الدوار.
أو ليس هذا قمة العدالة من قائد مصر.
* الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال مصر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة