"جاء يكحلها عماها".. هكذا فعل الدكتور مصطفى الفقى، رئيس لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس الشعب، وأحد المقربين من نظام الحكم الحالى، فى حواره الأخير والخطير مع جريدة المصرى اليوم.. كان الدكتور الفقى صريحاً بشكل لافت، لدرجة أنه أطلق مدافعه فى كل اتجاه، حتى طالت نيرانها أسماء كبيرة، ومست قضايا فى غاية الحساسية وكشفت عن أسرار ومعلومات هامة ربما لم نسمع عنها من قبل.
الحوار أثار عاصفة مدوية وردود فعل متباينة، كان أبرزها وأسرعها رسالة الأستاذ هيكل المثيرة لـ رئيس تحرير المصرى اليوم، معلقاً على نقطة واحدة تخص وجهة نظر الفقى حول تأثير الدور الخارجى فى اختيار رئيس مصر واشتراطه توافر الرضا الأمريكى والقبول الإسرائيلى فى المرشح لهذا المنصب!.
فى السطور التالية سأحصر بعض القضايا الشائكة التى تطرق إليها الدكتور الفقى متوقعاً أن تجلب له العديد من المتاعب فى الفترة القادمة.
فمثلاً لأول مرة نعلم أن الدكتور محمد البرادعى كان مرشحاً لمنصب وزير الخارجية خلفاً لـ عمرو موسى سنة 2001، وأن اسمه كان ثالث ثلاثة مرشحين لشغل هذا المنصب، على مكتب الرئيس، لكنه اعتذر، مفضلاً المنصب الدولى كمدير للوكالة الدولية للطاقة الذرية على المنصب الوزارى!.. البرادعى كان الأوفر حظاً فى الحوار، فناله الهمز واللمز فيما يتعلق بمساندة ودعم الغرب والولايات المتحدة على وجه الخصوص.. ثم عاد مرة أخرى واعتبره المرشح الجاد الوحيد بشرط عدم منافسة الرئيس مبارك.
جمال مبارك ومسألة التوريث استحوذا أيضاً على نصيب الأسد فى الحوار، وأدلى الفقى بآراء جريئة تعطى انطباعاً قوياً لدى كل من تابعها، بالتناقض الشديد والازدواجية المفرطة، وظهر هذا جلياً فى تصريحه بأن الولايات المتحدة مرحبة بانتقال السلطة من مبارك الأب إلى الابن على أساس قاعدة "إن اللى تعرفه أفضل من اللى متعرفوش" ولم يوضح لنا من فى الإدارة الأمريكية الذى أبلغه بذلك؟ وإلى من تميل الإدارة الأمريكية تحديداً البرادعى أم جمال؟ وكذلك بالنسبة لقوله إن المؤسسة العسكرية ستبارك تولى جمال مبارك للسلطة، بدون أن يشرح من أين جاء بهذا اليقين؟
وبدا الدكتور الفقى أكثر استفزازاً عند الحديث عن فرص عمرو موسى فى الترشح لمنصب الرئاسة.. وهنا أقتبس رأيه فى هذه القضية "لن يرشح عمرو موسى نفسه منافساً لـ"حسنى مبارك".. هذا مستحيل لأن "العين ما تعلاش على الحاجب!!".
أما الأمر الأكثر دهشة إشارته إلى احتمال دخول النظام فى صفقة مع جماعة الإخوان يتم بمقتضاها السماح لهم بحزب سياسى وتعديل المادة 77 من الدستور ليصبح بقاء الرئيس فى الحكم مدتين فقط مقابل عدم الاعتراض على سيناريو التوريث، حيث قال "إذا أعلنت أن المادة ٧٧ للرئيس مدتين لا تزيدان فسوف تكون إمكانية وصول السيد جمال مبارك إلى الحكم ٩٠%، فهذا هو "الكارت الأخير" المحتفظ به!!".
وحول سيناريو انتخابات 2011 المنتظر قال "أمد الله فى عمر الرئيس سوف يترشح ويترشح أمامه بعض رؤساء الأحزاب، كما حدث فى المرة الماضية".
مع إن الدكتور الفقى، كان حريصاً على أن يذيل آراءه بعبارة "هذه رؤية وليست معلومات"، كما حرص على أن يمسك العصا من المنتصف فى الحوار، إلا أن طبيعة القضايا السياسية التى آثارها والأمور الخطيرة التى أدلى بدلوه فيها، كفيلة بأن تعيده حتماً إلى الأضواء مرة أخرى.. فلن تطرب لآرائه أمانة السياسات ولا الرئاسة، وربما تزعج أيضاً القوى الوطنية والمعارضة وبعض الشخصيات العامة، كما حدث مع الأستاذ هيكل، لذلك أتوقع أن تحمل الأيام المقبلة بين طياتها الكثير من المفاجآت غير السارة للدكتور الفقى!!
رئيس قسم الشئون العربية بمجلة روزاليوسف
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة