أكرم القصاص

فئران.. وزارة التعليم

السبت، 16 يناير 2010 02:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى جلسة ضمت عددا من النخبة المصرية مع دبلوماسى أجنبى، حضر وزير من الوزراء الجدد المعينين حديثا فى وزارة مهمة، وفى سياق الدردشة سأل أحد الحضور الوزير الجديد: كم من الوقت تحتاج حتى تتفهم مشاكل الوزارة وتبدأ فى حل مشكلاتها المتراكمة. وبكل ثقة رد الوزير الجديد: أنا لا احتاج إلى أى وقت، وأعرف كل المشكلات والحلول وأنا جاهز للوزارة ولهذا اختارتنى القيادة السياسية. وبالرغم من حرص الدبلوماسى على عدم إبداء رأى، فقد ظهرت على ملامحه علامات الدهشة.

وبدا الحضور مندهشين من سهولة تعامل الوزير الجديد وهو يتحدث عن أخطر مشكلات مصر، وما يزال حديث عهد بالوزارة. وتهامس الحضور حول طريقة اختيار وزراء التى تستند إلى أشياء كثيرة ليس من بينها الكفاءة، وإنما القدرة على التعامل الأمنى. وبالفعل تحدث بعض الحاضرين عن غياب الكفاءة فى اختيار القيادات. وأبدوا تشاؤمهم بإمكانية وجود تحديث أو إصلاح، طالما كانت هذه هى نوعية الوزراء الذين يتم اختيارهم بالواسطة أو ردا لجميل غامض.

تذكرت هذا الحوار وأنا أتأمل أحوال وزارة التربية والتعليم، التى تولاها يوما ما عميد الأدب العربى طه حسين، وكانت محط أنظار الأنظمة، لكنها أصبحت مثل حصة الألعاب فى المدارس، مجرد كيان نظرى بعد مصادرة الأحواش. والوزير لا يعرف عنه تفوقه فى عمله الأكاديمى، بقدر شهرته كـ" قبضاى" ذى خبرات نادرة فى مطاردة الأساتذة والعاملين.

وزير التعليم الجديد أحمد زكى بدر أعلن عن البدء فى تطبيق نظام الثانوية العامة الجديد، الذى يجعل الثانوية عاما واحدا بعد أن كانت عامين، وعامين للتقويم الشامل. وهو مشروع عاش وزير التعليم السابق يسرى الجمل ورحل وهو يتحدث عنه، ولم يقترب من بعيد أو قريب من الأمراض التى أصابت النظام التعليمى، وقد جاء الوزير ورحل وقبله وزراء وظلت الدروس الخصوصية، واستمر تدهور التعليم.

التعليم فى مصر منذ سنوات تحول الى حقل تجارب، تجارب تتجدد مع كل وزير ولاعلاقة لها بالتعليم. ونتذكر تجربة الدكتور فتحى سرور بإلغاء سنة سادسة ابتدائى، وهى تجربة ثبت خطأها، ولم يحاسب أحد مرتكبها، بل بالعكس انتقل لرئاسة مجلس الشعب، ليثبت نظرية تقول إن الفاشل يرتقى ولايحاسب.

وها هو وزير التعليم قبل أن ينهى شهر على توليه الوزارة يعلن تجاربه الجديدة، للثانوية العامة، ولا نعرف إن كان هذا النظام هو نفسه الذى كان ينوى وزير التعليم السابق يسرى الجمل التخطط، وعاش طوال فترة توليه يتحدث عن مشروع الثانوية العامة الجديد. لكن الواضح أن الوزير الجديد يريد أن يبدو واثقا من نفسه وفاهما لكل حاجة. وحتى لو كان التعليم فى مصر ليس فقط ثانوية عامة، لأن الثانوية وسيلة وليست غاية.

مشكلة التعليم تبدا من الابتدائى، لكن الوزير أحمد زكى ينضم إلى طابور وزراء التعليم التجريبيين الذين يحولون التلاميذ إلى مجرد فئران تجارب. حتى يستمروا.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة