كانوا ينتظرون بلهفة أن يصرفهم الأب الكاهن بعد قداس العيد منتظرين ما طهته لهم أمهاتهم من أطعمة شهية بعد صيام دام أربعين يوماً، ففى كل بيت تقدم الأم الأطعمة المفضلة لكل فرد من أفراد العائلة . فكان الوقت أن تلمس أقدامنا الأرض بعد طوال أربعين يوماً نهذب فيها أجسادنا ونخضعها بالصوم والصلوات لتسمو أرواحنا ونحاول أن نستوعب المعجزة التى نحتفل بها فى 7 يناير من كل عام حيث نحتفل بتجسد الرب إلهنا على أرض البشر ليكون بيننا، فأرواحنا كانت تجول السموات بفرحة فريدة لنذكر أنفسنا بالحدث العجيب الذى خصنا إلهنا به ، وما أن صرف الأب الروحى رعيته فى الكنيسة حتى توجه الأقباط إلى باب كنيستهم الخارجى وطبعاً كانت الأطفال تسابق الكبار وكأن الفرحة بالعيد لا تستطيع جدران الكنيسة احتواءها.
وإنطلق الشباب للخارج ولكن كانت فى استقبالهم موجات من نيران الرصاص الغادر الماكر تحصدهم وتقع الأجساد الشابة النابضة بالحيوية والحياة مضرجة فى دمائها الذكية لتروى من جديد أرض الشهداء الذين روت من قبل دماؤهم أرض مصر الحزينة. يرتفع الصراخ والعويل بحسرة ومرارة ليملأ سماء وهواء مصر استنكاراً عن أبنائها الذين أعطوا هذه الهدايا الغير منتظرة .
فالآن نعرف أن هذه الاعتداءات مُدبرة من الجهات الأمنية فأى شياطين هذه التى دبرت هذه المجزرة المخزية، المسئولون الذين يحضرون قداس العيد ليمثلوا أنهم يقدمون التهانى لإخوتهم فى النسيج الوطنى لم يحضروا ليلة الحادثة، وقد طلب الأب راعى الكنيسة الحماية من الشرطة لأنه قد تلقى تهديدات وبالطبع لم يستجيب له مسئولين الأمن.
والآن فقد أصبحنا نسمع كل أسبوع أو كل عدة أيام الأخبار عن قتل الأقباط، عن حرق أقباط- تدمير منازل وممتلكات أقباط وتهجيرهم من منازلهم . لشائعات عن اغتصاب مسلمات- بينما نعرف عن عشرات ومئات الحالات عن خطف واغتصاب وأسلمة بالقوة فتيات أقباط– أما دور الأمن المركزى فكان يتستر على الجناة بل ويسجن ويعذب الآباء إذا ذهبوا إلى الشرطة ليبلغوا عن اختفاء بناتهم، فما يتردد عن تهاون الأمن مع هذه الجرائم مثبوت فى حالات لا تحصى.
فهل يمكن أن يتحول الشعب المصرى المسالم والدمث الخلق إلى شعب مملوء بالحقد ؟
إنما هى سياسة دولة تستغل الدين فى مخططاتها السياسية – فأطلقت الدعاة المتأسلمين الذين يريدون الاسترزاق لتسميم مفاهيم الشعب المسلم المصرى ووفرت لهم صفحات الجرائد لتعبئة نفسية شعب مضنى من الجوع والفقر والتخلف وغلو الأسعار بينما أعضاء الحزب الوطنى يبنون القصور وبمراكزهم يتنافسون فى مص دماء الشعب.. فعندما يطلق القرضاوى والعوا وزغلول النجار ومحمد عمارة وزقزوق وغيرهم سمومهم التى تعلم المسلمين بأن الشخص الغير مسلم هو من الدرجة الأدنى واستباحت أملاكهم وأحلت دمائهم فماذا ننتظر؟ - صفحات وكتب مطبوعة بأموال الدولة وتحت إشراف الأزهر تهاجم وتحتقر الدين المسيحى .
قرأت كثيراً من المقالات من كُتاب مسلمين يعبرون عن استنكارهم للمجزرة وذكرتنى المقالات بوقت كنا فى مصر لا نقول كلمة مسلم ومسيحى لكننا كلنا مصريون– ولكن عندما تطبق الحكومة الفكر البدوى الصحراوى العقيم بدون معاقبة الجناة فى الأعتداءات على الأقباط من الزاوية الحمراء مروراً بالكشح وصولا إلى نجع حمادى وتجبرهم على مجالس الصلح بعد سجن أهالى الضحايا والمجنى عليهم وإطلاق سبيل الجناة والأعذار الواهية تتدفق من المسئولين على ان الجناة مختلون عقليا او انها حوادث فردية.
فقرأنا أن الحكومة ألقت القبض على 42 شخصاً فى نجع حمادى ، فالمعروف أنه بعد تعذيب سيقر الأقباط أنهم سبب الفتنة الطائفية ففى مصرنا الضحية تصبح هى مرتكبة الجريمة.
أما أولادنا الشهداء فنعلم علم اليقين أنهم فى السماء مع القديسين والشهداء الذين سبقوهم – أما مرتكبو المجزرة إذ يظنون أنهم عملوا عملاً حسناً فجزاؤهم كبير عندما يموتون سيكون بانتظارهم الشيطان فاتحاً ذراعيه ليستقبل أبناءه .
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة