أنا لم أعد أعترض على وجود تلك النخبة الحاكمة التى تقود دفة الأمور فى مصر فذلك قضاء الله ولا راد لقضائه إلا هو.. وسبحانه وتعالى لم يقرر بعد أن يعفو عنا، ربما لأن ذنوبنا أكثر من أن تغفرها أدعية قلة مخلصة منا، وربما لأنه يحبنا فقرر أن يزيد من ابتلائنا فأبقى على هؤلاء المسئولين وأصحاب المناصب الرفيعة الذين لا يخجلون من التعامل معنا، وكأننا شعب «داقق عصافير» أو فى حاجة إلى بعض التسوية على نار هادئة.. أو لم ينضج سياسيا بعد كما قال السيد أحمد نظيف من قبل.
يصر المسئولون فى الدولة بداية من الرئيس وحتى الغفير الذى مازال يعتقد أن أشقياء القرية يخشون خطوته الجريئة على التعامل مع المواطن المصرى بمنطق أنه مواطن ساذج ويصدق كل مايقال له، وعلى هذا الأساس لا يصاب أى وزير بأى نوع من الخجل أو التردد وهو يصرح أمام الفضائيات أن الأسعار زى الفل وحال البلد أفضل من حال سويسرا.. وعلى هذا الأساس أيضاً وبمنطق أننا شعب ساذج وعبيط أطل علينا الرئيس مبارك بتصريحات أثناء زيارته لكفر الشيخ يقول فيها إن قانون الضرائب العقارية لم يتم حسم أمره بعد، وإنه أى الرئيس - مازال يفكر فى البحث عن أسلوب متدرج لإقرار الضريبة، ومد فترة تقدير قيمة العقار والضرائب المستحقة عليه، مع وضع معدل التضخم فى الاعتبار عند إعادة التقدير.. التصريحات السابقة للرئيس بلاشك نارية وأسخن من كلام أهل المعارضة الذين حاولوا انتقاد الوزير بطرس غالى وكسر مجاديفه التى يبحر بها داخل جيوب الناس الغلابة لتنظيفها من الجنيهات القليلة التى تسترها.
كلام الرئيس يعنى ببساطة أن قانون الضريبة العقارية الذى صدعنا به الدكتور يوسف بطرس غالى طوال الفترة الماضية وأهدرت الدولة على إعداده ومحاولة تنفيذه الملايين كأنه ولا حاجة، وهو أمر غريب جداً بل يكاد يصل إلى حد النكتة، فالناس التى يعتبرها السادة المسئولون سذجا وبسطاء يدركون جيداً أن هذا القانون حينما تم التفكير فيه وحينما تم إقراره وحينما بدأوا فى تنفيذه كان كل شىء يتم برضا رئاسى، بل ويعلمون جيداً أنه لا يمكن لوزير فى حكومة الدكتور نظيف أن يعطس إلا بأمر رئيس الجمهورية، ولا يمكن لوزير فى مصر أن يقول تصريحاً أو يتحدث عن قانون إلا بعد أن ينطق جملة: وطبقاً لتوجيهات السيد الرئيس!
على أى شىء يعترض الرئيس إذن؟! على القانون الذى وافق عليه من قبل، أم على طريقة يوسف بطرس غالى فى التعامل مع المواطنين؟! صحيح أن بعضكم سيقول إن الرئيس استجاب للضغوط الشعبية الرافضة للقانون، ولكن ألا يعنى هذا أن الدولة لا تجيد قراءة احتياجات شعبها؟ ألا يعنى ذلك أن القوانين فى مصر تصدر بشكل عشوائى ويمررها البرلمان الذى من المفترض أنه يعبر عن الشعب دون دراية بواقع الناس؟ وألا يعنى ذلك أن إعادة ترقيع القانون من جديد سيجعل الملايين التى تم إنفاقها كأنها طارت فى الهواء؟! وهل يعنى ذلك أننا سنحاسب نواب البرلمان على تمرير هذا القانون الذى اكتشف الرئيس عيوبه بنفسه؟ وهل سيطلب الرئيس محاسبة وزير المالية بتهمة إهدار المال العام وتكدير الرأى العام؟ كلها أسئلة تحتاج لإجابات صريحة وواضحة حتى لا تصبح تصريحات الرئيس بخصوص قانون الضريبة العقارية مجرد تمثيلية سقط الرئيس فى فخ المشاركة فيها من أجل تخدير المواطنين الذين أصبحوا كالكرة كلما شعر المسئولون بالخطر تقاذفوها فيما بينهم.. وكأنهم يعاقبوننا نحن المواطنين البسطاء على حسن نوايانا فى كلامهم أو كلام الرئيس؟!!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة