حافظ أبو سعدة

الضرائب العقارية لمحاربة الفساد

الخميس، 21 يناير 2010 07:38 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شتان الفارق بين إصدار قانون الضرائب العامة وتطبيقه واستقبال المواطن له، وما نتج عن ذلك من زيادة فى حصيلة الضرائب، وذلك فى أول عام من التطبيق، رغم أن التوقعات كلها كانت تشير إلى أن تحقيق المستهدف من الحصيلة لن يأتى قبل ثلاث سنوات، أى بعد أن يثق المواطنين فى شعار الضرائب مصلحتك أولاً، وإصدار قانون الضرائب العقارية الجديد الذى شكل صدمة للمواطنين المصريين، وتصاعدت ردود الفعل السلبية تجاهه، ليس فقط لأنه صدر وبه أكثر من عوار دستورى، ولكن لأنه فى الحقيقة يهدد المواطن المصرى فى مأواه ومسكنه الخاص، لذلك كان واضحاً أن ما فهمه السادة النواب فى مجلس الشعب أن المسكن الخاص سوف يتم إعفاؤه من الضريبة، كان فهماً صحيحاً لدرجة أنهم قدموا اقتراحاً فى مجلس الشعب بإعفاء المسكن الخاص، وطرح للتصويت وحصد أغلبية كاسحة لولا تدخل السيد أحمد عز وإعلانه أن هذا مخالف لما اتفقنا عليه، فتم إعادة التصويت والتزم أعضاء الحزب الحاكم بقرار الحزب، وصدر القانون كما ورد من وزارة المالية إلا من بعض التعديلات البسيطة التى قدمت من بعض الأعضاء.. المهم أن ردود الفعل ضد القانون جاءت أكبر مما تصور الوزير ومن كل حدب وصوب، وتفتق ذهن السيد الوزير وقيادات وزارة "الضرائب" عن فكرة لإسكات كل الأصوات المعارضة وهى خطة شيطانية، ببساطة تدعى أن هذه الضرائب هى لحصر ممتلكات كل الموظفين الحكوميين العقارية الكبار منهم والصغار.

وبناءً على المعلومات التى سوف تتوافر عن الممتلكات العقارية لهؤلاء، وهى طبعاً قصور وشقق وفيلات بحرى بحرى على رأى الفيلم وأراضى مروية بالراحة لسعادة البيه، سوف تتفرغ وزارة المالية لملاحقة هؤلاء وتطبق قانون من أين لك هذا (قانون الكسب غير المشروع).. مضمون هذه الخطة التى لا يمكن إلا أن توصف بالجهنمية، إن كل الكتاب والمثقفين وأساتذة القانون الدستورى والمحامين والقضاة الذين كتبوا مقالات ضد هذا القانون الذى تجرأ على الدستور والمبادئ الراسخة والتى أرستها المحكمة الدستورية، وشرحوا كيف أن هذا القانون يصادر الملكية الخاصة التى وصفها الدستور أنها مصونة لا تمس، حيث إن الضريبة على السكن الخاص الذى لا يدر عائداً سوف تؤخذ من أصل الرأسمال وليس من العوائد، كل هؤلاء متهمون وفقاً لهذه النظرية بأنهم متحالفون مع هؤلاء الفاسدون الكبار والصغار ومتوسطى الحال، وطبعاً يلمح السادة المسئولون ولا يصرحون ويهمسون فى إذن الكتاب الذين يتبنون هذه النظرية، وتدبج المقالات بأن مسؤلاً كبيراً أبلغنى – على لسان أحد الكتاب - بأن مسئولين كبار هم وراء هذه الحملة وسبحان الله، وطبعاً المفترض فينا أن نصدق هذا الهراء وهذا الحديث الذى هو حديث الإفك الذى يتناقض مع العقل والمنطق للأسباب الآتية: أولاً أن السادة المتربحين من المال العام لا يمكن أن يكونوا من السذاجة لكى يسجلوا العقارات بأسمائهم أو أسماء أصولهم، لأنه بذلك يعاقب بموجب قانون الكسب غير المشروع، ولأن القانون يعتبر أن أى زيادة طارئة فى ثروة الموظف العام هو أو أصوله غير مبررة أى ليست ناتجة عن طريق الإرث مثلاً أو أى طريق مشروع، تعد كسباً غير مشروع وتربحاً من الوظيفة العامة وعليه هو إثبات العكس.

ونتذكر جميعاً قضية المهندس الحباك وقد اعتبرت النيابة العامة أن أمواله التى فى البنوك خارج مصر والعقارات التى لديه كسباً غير مشروع وحكم عليه بـ10 سنوات سجن حتى توفاه الله فى محبسه، ثانياً وهو الأهم من قال إن وزارة المالية هى المختصة بمكافحة الفساد أو القضاء على التربح أو الكسب غير المشروع.. وزارة المالية تحصل الضرائب على أى نشاط أو عقار بصرف النظر عن مصدره فما يهمها هو تحديد قيمة العقار، وذلك لتحديد الوعاء الضريبى عدا ذلك فالوزارة غير معنية وغير مختصة، ولتترك مكافحة الأموال غير المشروعة للرقابة الإدارية ومباحث الأموال العامة.

أمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة