يرفض بل يغضب أى مصرى يَعى حقه فى العيش الآمن فى هذا البلد أن يرى جرائم العنف تننتشر وتخرّب فى مجتمعنا لتقضى على أقل ما يجب أن يتمتع به كل مواطن وهو الأمن، الحق فى أن يستيقظ كل صباح بدون خوف على حياته وحياة أولاده.
فما بالِكُم إن بدأت سلسلة من الجرائم التى لايقتصر فيها دوافع مرتكبيها على دوافع إجرامية فقط ولكن أيضاً على دوافع انتقامية على أساس ديانة المجنى عليه.
هذا هو التخوف الأكبر الذى يؤرق العقلاء الذين يحذرون بشدة مما يمكن أن تنتج عن أحداث نجع حمادى وطريقة التعامل معها، الأمر فى شدة الحساسية، وإن اتفقت كل النوايا على ضرورة المعالجة الفورية لأجواء الاحتقان التى يعيشها المواطنون خاصة المسيحيين، فالأمر لايتعلق بالنوايا الطيبة لكل مسئول أو نائب شعب بل فى كيفية النظر والتعامل مع هذا الأمر، إذ إن كل كلمة وكل فعل سيكون له تأثير إما فى زيادة الاحتقان أو إشعاله بغض النظر عن النية الطيبة، يتحدث الجميع عن الشفافية وضرورة عدم التهويل، ولكن الخط بينهما رفيع، صحيح أن سرعة القبض على المتهمين فى نجع حمادى وإعلان تفاصيل التحقيقات وإحالتهم لمحكمة أمن الدولة العليا طوارئ يخفف بدون شك من حالة الغضب والاحتقان الذى أججتها هذه الأحداث الكارثية، وصحيح أن هذه الجريمة ارتكبها أفراد (مع انتظار حكم المحكمة فى تأكيد ثبوت الاتهامات) بدوافع انتقامية خسيسة وبقرار فردى «يعبر عن رأى صاحبه وليس المجتمع» كما قال الدكتور فتحى سرور فى هذا الشأن وأنه لم يكن وراء المتهمين تنظيمات دينية أو جهات متطرفة، ولكن هل يصلح تقديم هذه الجريمة على أنها جريمة فردية سيقع على مرتكبيها أشد العقوبة، نقطة ومن أول السطر؟ أليست جريمة فردية لها أثار فى منتهى الخطورة فى تغذية التعصب والفتنة الطائفية؟ ألا يمكن أن يظهر لنا قريباً مجرم آخر «يعبر عن رأيه» بنفس الطريقة؟ ألا يجب التعامل معها وتقديم تفاصيلها للشعب من هذا المنطلق والأخذ فى الاعتبار بجدية كل الاحتمالات وكل الآراء؟ من هنا كانت محاولات إسكات النائبة جورجيت قللينى فى مناقشة مجلس الشعب لتقرير اللجنة البرلمانية صفعة للحديث عن الحوار والمكاشفة الحقيقة ومحاولة للتهوين من خطورة آثار الجريمة أو على الأقل تقديمها للشعب على هذا النحو، إن كان لدى النائبة ما أرادت أن تعبر عنه أو ما تنقله عن مجموعة من المواطنين هم الأقرب مما حدث من ترهيب فى نجع حمادى كنا ننتظر أن يُطرح على الطاولة حتى لا تتضاءل آمال الجميع فى التعامل مع ما حدث من منطلق العلاج الفاعل لا المسكنات وحتى لا يتصاعد الشك والتشكيك فى نية كل المسئولين فى وأد الفتنة الطائفية من جذورها لا فى تزيين الأوضاع.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة