بلد مؤتمرات صحيح!.. نحن نعيش فى بلد كلما حاول واحد من مسؤليها أن يثبت للناس فى الشارع أنه يعمل ويجتهد من أجل مصالحهم ومصالح الوطن العليا.. تمختر وشد حيله ونصب صوان، وصرخ لعدة دقائق بخطبة تمتلأ كلاما المفهوم فيه أقل مما يعرفه المصريون عن اللغة الصينية، أما أن تجد أحدهم وقد وجد حلا عمليا لضحايا السيول والمنازل المنهارة فتلك مسألة من رابع المستحيلات، فهم يكتفون فقط بزيارات شرفية ومؤتمرات قصيرة تمتلأ بتصريحات عن القضاء والقدر تتهمه أكثر مما تطلب اللطف فيه، أو يهرب الخجل من عروقهم مثلما حدث مع رئيس الوزراء الدكتور نظيف الذى حمل ضحايا السيول مسئولية ما حدث، وكان ناقص يحاسبهم بتهمة تعريض مصر لخطر السيول والأمطار الغزيرة.
هكذا يفعل مرشحو مجلس الشعب وأعضاؤه فيما بعد، وهكذا يفعل الحزب الوطنى وقياداته أيضا، يمر الشهر وراء الشهر من كل عام ولا تسمع ولا تقرأ سوى فضائح أعضائه وفساد كبار قياداته، ومعارك رجاله على منصب هنا أو قطعة أرض ملك الدولة هناك، باستثناء ذلك لن تقرأ أو تسمع سيرة الحزب الوطنى إلا حينما يرد ذكر اسم جمال مبارك مقترنا بمنصبه كأمين للحزب الوطنى الديمقراطى كشهادة رسمية للإجابة على كل من يسأل عن شغلانة نجل الرئيس فى البلد؟ أو موقعه من الإعراب الوظيفى؟ أو سر تدخله فى شئون مصر ومستقبلها.
أما حينما تقع مصر فى فخ كارثة طبيعية أو من صنع رجال حكومتها، فتمتلأ صحف مصر وتليفزيونها الرسمى بأخبار شفهية دون دليل عن دور الحزب الوطنى فى علاج الأزمة وجهود قياداته فى إنقاذ البلد مثلما يحدث الآن مع كارثة السيول فى الصعيد وسيناء.. جاء طوفان السيول من هنا وجاءت معه طوفان أخبار عن تحركات الحزب الوطنى وقياداته أكثر من الأخبار التى نشرت عن خطط الإنقاذ وتعويض الضحايا، وأصبحت كل حنفية فى أى مكان فى مصر قصرا إن كان أو زقاقا فى كفر من كفور الصعيد ينزل منها شعار الحزب وجهوده فى متابعة الأزمة قبل المياه.. وبالطبع هذا يحل بالنسبة لك لغز تلوث المياه فى مصر!
وطبعا لا داعى لأن أخبرك عن كمية الوعود التى أطلقها الحزب الوطنى فيما يخص تعويض الأهالى وانقاذ الضحايا، وطبعا أنت تعلم من قبلى أن مصير كل هذه الوعود سيكون مثل ما سبقها من تصريحات طارت فى الهواء بعدما سمعناه أثناء كارثة العبارة وقطار الصعيد، فالأمر كله على بعضه إصرار واضح من الحزب الوطنى على مواصلة عر مسلسله المفضل
"وعود.. ولكن كاذبة"..
المشكلة أن الكذبة التى تحمل اسم الحزب الوطنى الديمقراطى نبت لها عدة أكذوبات صغيرات يتم تضخيمها ونفخها وتصديرها للناس مع كل مؤتمر يعقده الحزب، ففى التعريف الذى ينشره الحزب الوطنى فى أوراقه الرسمية يقول فى إجابة على من نحن؟ بأنه :(حزب يفتح أبوابه لكل المواطنين على قاعدة المواطنة والهوية المصرية والمساواة الكاملة فى الحقوق والواجبات، ويؤمن بالقيم الدينية وبدور الدين فى تحقيق التقدم ونهضة الشعوب، يسعى لتأكيد المسيرة الديمقراطية وبالدور الفاعل للتعددية الحزبية وتحقيق التنمية الاقتصادية، ورفع مستوى معيشة المواطنين فى إطار من العدل الاجتماعى، ويؤمن بأهمية التغيير الثقافى وتكريس قيمة التنوير والعلم كشرط لتحقيق التقدم، وبأن المصلحة الوطنية المصرية هى القاعدة الأساسية لرسم السياسة الخارجية).
ما سبق كان بطاقة تعريف الحزب الوطنى بنفسه، فهل تصدقه؟ الشواهد تؤكد أن تلك البطاقة بها قدر كبير من المبالغات والأكاذيب التى تخالف الواقع، وتؤكد أن الكذب هو المرافق الثالث لكرات الدم الحمراء والبيضاء فى دم رجال الحزب الوطنى، ولذلك أنصحكم ألا تصدقوا أن ضحايا السيول سيحصلون على تعويضات محترمة، وأنصحكم أيضا ألا تصدقوا أن تحركات الحكومة والحزب ستكفى لحفظ كرامتهم فى خيام الإيواء، ولذلك أدعوكم وأدعو نفسى لأن نستجيب بسرعة لأى تحرك أهلى تنظمه جمعيات مدنية أو نقابات مهنية أو هيئات خيرية.. لعلنا ننقذ أهالينا فى الصعيد وسيناء من التشرد وقسوة الحاجة وذل سؤال الحكومة.. وربنا يكفينا جميعا شر سؤال الحكومة وشر تأثيره على النفس البشرية!!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة