فى أقل من عشرين عاما تشقق معهد الأورام وأصابته التصدعات وأصبح قريبا من السقوط، أى أن هناك فسادا واضحا فى هذا المبنى وراء هذه التصدعات والشروخ، فسادا واضحا لدى الشركة المنفذة والمهندسين الذين نفذوا المبنى.. قطعا سرق هؤلاء فى الأسمنت والحديد وغشوا فى الأساسات.
وبالطبع كان هؤلاء يعلمون أن المبنى الذى يعملون فى إقامته مخصص لاستقبال مرضى السرطان. بعضهم مهندس أو مدير أو صاحب شركة أو مسئول عن الاستلام والمتابعة أو وزير.كذلك كانوا يعلمون بخبراتهم الهندسية أن المبنى يمكن أن يسقط على من فيه ويقتلهم حتى لو لم يقتلهم المرض. ومع ذلك سرقوا فى مواد البناء والأساسات، مع علمهم أن مايفعلوه خطر داهم.
وبالطبع فإن الذين شاركوا فى هذه الجريمة لايزال بعضهم أو كلهم على قيد الحياة ، ياترى ماهو شعورهم وهم يرون مرضى السرطان يتم طردهم أو إخراجهم من غرف العلاج وبعضهم يتعرض للموت بسبب آلاف حصلوا عليها. هل يشعر هؤلاء بالندم والعار وتأنيب الضمير؟ وهل يسارع أحدهم أو بعضهم بالإبلاغ عن نفسه، والاعتراف بجريمته، وهل صحا ضمير هؤلاء، وهم يرون فسادهم سببا فى قتل المرضى، ومضاعفة آلامهم. أم أنهم يخافون ويفكرون فى طريقة لإلقاء المسئولية عن أنفسهم والهروب للخارج؟!
وهل فكر الفاسدون لحظة فى أن المال الذى حصلوا عليهم مغموس بالدم؟ وهل نظروا لأبنائهم وأسرهم، الذين تغذوا بلحم المرضى؟ بالطبع لا والدليل أن هؤلاء جميعا، عاشوا حتى رأوا معهد الأورام يتصدع بسبب أعمالهم.
ما جرى من فساد فى بناء وتسليم مبنى معهد الأورام، شروع فى قتل متعمد لهؤلاء المرضى وكل من يتوقع تواجده.
الفساد لايحسب مثل هذه الحسابات البسيطة ولا يشغله إن كان عمله هذه سيؤدى إلى موت محقق. ورغم علمه بهذا الخطر فقد خطط ودبر وأصر على الغش والسرقة. كم سرق هؤلاء الفاسدون ومن وراءهم؟ ربما مليون أو ملايين، هل يمكن أن تكون هذه الملايين مقابلاً لقتل محتمل للمرضى والأطباء بسقوط المبنى، لدينا مبان من مئات السنين ولم يصبها التشقق والشيخوخة، وبعض المبانى التى أقيمت فى الثمانينات تسقط بفضل حديد مغشوش وأسمنت فاسد وسرقة فى مواد البناء، هذه الأموال التى حصل عليها الفاسدون بالرشوة لاتتجاوز عدة آلاف لكنها تسببت فى مقتل بشر مرضى وضعفاء مقابل ملاليم أو قروش.
الملف كله بين يدى النائب العام الآن، وهو الذى سيحدد المسئول ويطلب محاسبته، ربما نجد عشرات من المتورطين فى الشركة المنفذة، واللجنة التى تسلمت أو أشرفت، وموظفين عموميين وربما وزراء. وماهى المسئولية السياسية للحكومة القائمة وقتذاك، وما مسئولية وزير البحث العلمى ورئيس جامعة القاهرة وعميد طب قصر العينى؟!
لايوجد فساد طيب، وآخر شرير، لكن هناك فسادا أكثر أو أقل خطرا. لكن الفساد بلا قلب، ولاضمير، مثل السرطان، بل هو أشد خطرا. ويجب أن يكون العقاب فيه على قدر الجريمة. والفساد فى معهد الأورام وغيره ومن كوارث، فساد بلا قلب ولاضمير.وللأسف إنه أكثر أنواع الفساد شيوعا فى هذا العهد.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة