كأننا فى حالة حرب.. الأطباء فى المستشفى الميدانى يقدمون الإسعافات الأولية الضرورية للجرحى.. بتر الأعضاء يجرى فى العراء.. المرضى يئنون وهم يحملون جراحهم، لا يعرفون ماذا يفعلون بها.. عدد الأطباء والممرضات والمسعفين أقل بكثير من عدد المصابين والجرحى الذين يتوافدون ويتلقون أقل القليل من العلاج الضرورى.
فى لحظات الحرب تظهر المشاهد المرعبة والاستثنائية مثل ترك المرضى الذين لا يمتلكون أملاً فى الشفاء لمصيرهم المحتوم أو إجراء جراحات بدون شروط غرف العمليات المجهزة.. أو وضع المرضى فى صفوف طويلة فى الشارع وتحت خيام عشوائية.. إنها حالة حرب أو حالة المبنى الجنوبى لمعهد الأورام الذى صدر قرار بإخلائه من النائب العام، فاكتشفت جامعة القاهرة، المسئولة إدارياً عن المعهد ومعها وزارة الصحة أن المستشفيات البديلة بالتجمع الخامس والجيزة غير مجهزة.. هكذا فجأة.. فماذا يفعل المسئولون الذين فوجئوا بالوضع الجديد.. قرار النائب العام من أمامهم وتفجير قضية انهيار المبنى على رؤوس المرضى من ورائهم.. إذن ليكن الحل فى إخراج المرضى إلى الشارع.. إلى البيت، وبدلاً من تذكرة الخروج بعد إتمام الشفاء، يتم إمضاء تذكرة خروج أيضاً، ولكن لاستكمال العلاج فى المنزل أو فى الشارع .
من السهل طرد المرضى من المستشفيات عندنا... لأى سبب... انهيار مستشفى أو تجديد مستشفى أو خصخصة مستشفى.. حدث سابقاً أن قام المسئولون عن مستشفى الأمراض النفسية بالعباسية بإخراج المرضى إلى الشوارع لينظموا المرور أو يسكنوا الأرصفة المسكونة أيضاً بالباعة الجائلين وبأطفال الشوارع.. القرار الأخير بإخراج مرضى المبنى الجنوبى لمعهد الأورام يستحق المساءلة قبل مساءلة المسئولين عن استلام المبنى المعيب فى عام 1990، وقبل مساءلة من تغاضوا عن الأخطاء طوال هذه السنوات العشرين.
لسنا فى حالة حرب هذا ما يبدو وما تنقله وسائل الإعلام من إنتاج أزهى عصور السلام والاستقرار والإصلاح الاقتصادى الذى يحصد كل يوم شهادة من مؤسسات دولية مرفوضة شعبياً ومشكوك فى نواياها.. لكن ما يحدث لنا وفينا يؤكد أننا- كشعب ومؤسسات- فى حالة حرب طاحنة لدرجة أن الطبيب المصرى الذى كان يعار لعلاج الأشقاء فى الخليج، أصبح يبحث عن منحة للعلاج فى المستشفيات التى أقامها الأشقاء، بل وصل الأمر ببعض الأثرياء ووجهاء المجتمع إلى تلقى العلاج فى مستشفيات هداسا وتل أبيب.
مَن لمرضى معهد الأورام سابقاً؟!!
مَن يواجه المخطئين فى حقنا وحق مرضى معهد الأورام سابقاً؟!!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة