لو أننا تأخرنا في منح التأشيرات لجمهورنا الحقيقي للسفر إلى أنجولا قبل أن يحصل المنتخب الوطنى على تأشيرة دخول المربع الذهبي لكأس الأمم الإفريقية نكون قد ارتكبنا جريمة في حق أنفسنا ومنحنا الفرصة في أن تتحول مدينة بنجيلا إلى أم درمان أخرى.
يا ستار يا رب.. مرة أخرى تضع الأقدار مصر والجزائر وجهاً لوجه على الجبهة.. لم يكن أحد يتخيل أن تسير بنا بطولة كأس الأمم الإفريقية إلى هذه الدرجة القصوى من الإثارة والخوف والتوتر التى يصلح معها استخدام ألفاظ وأوصاف نحب أن نداريها أو نتجنبها مثل الثأر أو القصاص أو رد الاعتبار أو استرداد الكرامة.
أصبح المنتخب الوطنى الآن لا يبحث عن لقب واحد، بل يبحث عن لقبين.. لقب تحدي خاص أمام الجزائر لم نكن بصراحة نتمناه أو نريده في ظل أجواء ما زالت مشحونة بين البلدين حتى الآن.. ولقب البطولة نفسها الذى يعوضنا الكثير عن إخفاق المونديال.. أصبح الهم ثقيلاً للغاية حتى لو حاولنا أن نتصنع الهدوء وندعى أن كرة القدم لعبة وليست حرباً أو هى مباراة تنتهى بانتهاء وقتها، فكل هذه المعانى ذهبت أدراج الرياح في أسوأ مواجهة بين دولتين عربيتين على خلفية رياضية.
الحدث القادم يفرض نفسه ويثير الدهشة عندنا وعند الجزائريين في أن يتكرر مرة أخرى وتشتعل المشاعر والعواطف وربما الخصومة والعداء بينما لم تنطفئ بعد نار موقعة أم درمان.
نحن بحق أمام أيام عصيبة.. ولو أن سمير زاهر رئيس اتحاد الكرة كان متأكدًا من أن سيناريو البطولة سيصل إلى هذه الذروة في الدراما، ما أدلى بتصريحاته التى قال فيها إن المنتخب المصري يتمنى مواجهة الجزائر حتى يكشف مستواه الحقيقي أمام العالم.. وفي الحقيقة نحن رأينا فريق الجزائر مختلفاً أمام أفيال كوت ديفوار والمؤكد أن القلق أصابنا جميعاً حتى قبل أن نواجه الكاميرون، بل ذهب بعضنا إلى تمنى لو خرج المنتخب الوطنى أمام الكاميرون أفضل ممن لو خرج أمام الجزائر.
بالتأكيد هناك ثقة كبيرة في المنتخب الوطنى لكن القلق حاضر والمخاوف موجودة ولا يتحمل الجمهور أن يخسر فريقه مرة أخرى من الجزائر ويزداد القلق مع ورود معلومات أن القصة التى أجاد الجزائريون كتابتها في أم درمان يستعدون لكاتبتها مرة أخرى الآن، وأنهم بدءوا بالفعل في ترتيب جسر جوى لمجرد أن ارتفع صوت المذيع الجزائري في مباراة كوت ديفوار يناشد الرئيس بوتفليقه أن يعطى الأوامر بإقامة الجسر الجوى لحشد الجماهير الجزائرية.
ولا أعرف ما إذا كنا في مصر تحركنا مبكراً أم أننا انتظرنا إلى الوقت الضائع واحتفظنا بنفس القصة القديمة البائسة في أم درمان.. هل جهزنا أنفسنا مبكراً؟ .. وتحصنا لكل الاحتمالات ورتبنا امورنا لكى نؤمن فريقنا في الملعب وخارج الملعب.. هل تركنا شيء للمصادفة أم وعينا جيداً الدرس الأخير؟.. هل يستطيع جمهورنا أن يذهب خلال يومين إلى أنجولا؟.. وهل نستطيع أن نلعبها هذه المرة بذكاء ودهاء لكى عوض المنتخب عن تقاعسنا معه في أم درمان؟.. هل سنلعب جيداً خارج اسوار الملعب، مثلما نلعب جيداً في الملعب؟.. هل تكشر مصر عن أنيابها هذه المرة وهي أمام فرصة ذهبية لإزالة ما علق بنا من إهانات بعد أحداث أم درمان هل نستثمر الفرصة؟.. لكى ننسى معاناتنا النفسية ويتخلص مواطنونا المغتربون من المعايرة والتهكم عليهم وتخويفهم بالجزائريين.
لا نريد ولا نفكر أبداً في أن نكون عدوانيين ونحرص على الأشقاء مثل حرصنا على أنفسنا بل نحرص على العروبة أكثر من العرب أنفسهم لكن المطلوب فقط أن يكون لحمنا مراً هذه المرة فلا يقترب من كرامتنا أحد ونترك الملعب ليقول كلمته ونقر حق المدرجات في أن تشجع وتساند.
وفي النهاية أحذر من سوء اختيار نوعية الجمهور الذى يسافر إلى أنجولا فلا نريد أن نكرر جمهور الأوبرا الرومانسي الذي جلس صامتاً في المدرجات ثم جرى مرعوباً في شوارع السودان بعد المباراة، ومن السهل مساعدة روابط المشجعين، وهم معروفون للجميع، على السفر لأكبر عدد ممكن.. وربنا يستر.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة