مازالت تداعيات كارثة نجع حمادى مستمرة، وستظل إلى أمد قد لا يكون قريبا، أرصد منها تفاصيل ترسم مشهداً واحداً.
لجنة الحريات التابعة للكونجرس الأمريكى تطلب زيارة نجع حمادى، تقرير البرلمان الأوروبى يدعو الحكومة المصرية لضمان تمتع المسيحيين و أفراد الطوائف الدينية الأخرى بكامل حقوقهم، أقباط المهجر ينظمون مسيرة احتجاجية فى لندن يحملون فيها النعوش الفارغة احتجاجاً على ما يتعرض له الأقباط فى مصر، هيومان رايتس تتهم الحكومة المصرية بإثارة الفتنة، نائب أمريكى يدعو لمناقشة نجع حمادى واضطهاد الأقباط فى مصر بالكونجرس..
هذا المشهد المستفز لإباحة التعرض لمصر فى الخارج بعد أن أبيح أمن وحرية مواطنيها فى الداخل يجعلنى أرسل برسالتين؛ الأولى إلى كل من هَوّن من جريمة نجع حمادى ودعا إلى معالجتها بعيداً عن إطار الطائفية، وكل من أسكت جورجيت قلينى وغيرها عن كشف كل جوانب هذه الجريمة كشفاً حراً.
ألم يكن من الأجدر بنا أن نسارع بإجراءات عملية ومصارحة كاشفة لمشكلتنا لا تقتصر على المعالجة الأمنية والقضائية لجريمة نجع حمادى؟ ليس بيد مسئولينا الآن إلا استثمار العلاقات للتخفيف من حدة اللهجة المُدينة فى التقارير الخارجية، أو استنكار التدخل الخارجى أو إطلاق عبارات رنانة رائعة عن ضرورة حل المشكلة من جذورها.
إذا نجح مسئولونا فرضاً فى إسكات التقارير الحقوقية الغربية هل ينجحون فى كسر قلم روبرت فيسك وغيره من الكتاب الأوربيين والأمريكيين الذين يهاجمون ما يسمونه «اضطهاد الإسلام المستمر للمسيحيين فى الشرق»؟ فلنغير ما بالداخل ليكون «لنا عين» للرد على هجوم الخارج، فليُمرر قانون دور العبادة فى الدورة الحالية، و يُحاكم كل مَن ساهم بدس السم فى العسل فى العملية التعليمية، ويُفصل كل مَن يَعبث بالخطاب الدينى فى المساجد والكنائس، وما أعلمه أن السلطة التنفيذية فى مصر تنجح فى عمل أى شىء فقط عندما تريد وتُقرر. أما الرسالة الثانية فهى لكل مَن يدعم أو يوافق على هذا التدخل الأمريكى والأوروبى.
أرجو أن يتفهم كل صوت يؤيد هذا التدخل حقيقة دعوتى كما أتفهم أن مَن لايلقى صدىً شافياً لمطالبه داخل بيته، قد يلجأ تعباً للبحث عن هذا الصدى خارج داره. ولكن دعوتى لوقفة موضوعية عاقلة وبراجماتية أيضاً.
هل سيحقق الكونجرس مطالب الأقباط فى مصر؟ هل يتخيل أى مُتابع أن المساندة الأمريكية أو الأوروبية تحركها المعانى السامية للحرية؟ إذا كان الأمر كذلك، فلنطالب جميعاً الكونجرس بأن يوفر لنا مياه الشرب والتعليم اللائق والمستشفيات الآدمية فكل هذا أيضاً من حقوق الإنسان، ولكن الأمر ليس متعلقاً فى حقيقته بحقوقنا، بل بذرائع تتخذها جهات أجنبية لتحقيق مصالح وأجندات من خلال زيادة تدخلها.
من ناحية أخرى، قد يكون الأجدر بأقباط مصر استثمار هذه الهبّة المصرية (ولا أقول مسيحية ولا إسلامية) التى أحدثتها نجع حمادى، فالكل أصبح ينادى بل يسعى لحل مشكلات الأقباط، ليس من منطلق دينى أو عاطفى بل من أجل الحفاظ على مصر.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة