مدحت حسن

عيد الشرطة بعد 58 سنة

الخميس، 28 يناير 2010 08:04 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى صباح يوم الجمعة الموافق 25 يناير عام 1952 استدعى القائد البريطانى بمنطقة القناة "البريجادير أكسهام" ضابط الاتصال المصرى، وسلمه إنذاراً بأن تسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتجلو عن مبنى المحافظة وترحل عن منطقة القناة كلها وتنسحب إلى القاهرة بدعوى أنها مركز اختفاء الفدائيين المصريين المكافحين ضد قواته فى منطقة القنال، ورفضت المحافظة الإنذار البريطانى وأبلغته إلى وزير الداخلية " فؤاد سراح الدين باشا" الذى أقر موقفها وطلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام، وكانت النتيجة أن فقد القائد البريطانى فى القناة أعصابه فقامت قواته ودباباته وعرباته بمحاصرة قوات شرطة الإسماعيلية وأطلق البريطانيون نيران قنابلهم بشكل مركز وبشع بدون توقف ولمدة زادت عن الساعتين.

ولم تكن قوات الشرطة المصرية مسلحة بشىء سوى البنادق العادية القديمة ومع ذلك قاوم رجال الشرطة المصريون ببسالة وشجاعة فائقة ودارت معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة سقط منهم خلالها خمسون شهيدًا وثمانون جريحاً، ومنذ ذلك الوقت تم الاستقرار على هذا اليوم المجيد ليكون عيداً للشرطة، وللأسف فإن الكثيرين لا يعلمون إلا القليل عن بطولات هذا اليوم العظيم حتى السينما لم تلقِ الضوء عليه سوى فى مشهد واحد جمع بين نور الشريف ومحمد رضا فى فيلم "شوارع من نار"، وهذا العام فوجئنا جميعا بالإعلان رسميا عن أن يوم عيد الشرطة قد أصبح عطلة سنوية تضاف لقائمة العطلات التى يزخر بها العام فى مصر.

بالـتأكيد ليس لى اعتراض على أن تتذكر الدولة هذه المناسبة بعد 58 عاماً وتقرر أن تصبح إجازة ولكننى أتساءل لماذا تذكرت الدولة هذه المناسبة الآن؟ وأين كانت كل هذه السنوات؟ ألم يكن من الأفضل بدلاً من أن نختزل الاحتفاء برجال الشرطة فى إضافة يوم جديد لعطلاتنا أن نفتح ملف الشرطة فى مصر ونمنح رجال الشرطة الأوفياء حقوقهم التى يستحقونها ونوفر لهم حياة كريمة تساعدهم على العمل بشرف وتمكنهم من السهر على راحتنا بما يحقق رسالتهم السامية؟ وألم يكن من الأفضل للمجتمع ولرجال الشرطة أيضاً أن نفتح نقاشاً واسعاً لنتمكن نحن كمواطنين من وضع حد فاصل وحاسم لتجاوزات البعض من رجال الشرطة ممن لا يقدرون أمانة وشرف الزى الذى يرتدونه؟ إننى أدعو لفتح حوار جاد يشترك فيه الجميع لأن تكون هذه الإجازة التى نحتفل فيها بعيد الشرطة بداية لوضع النقاط فوق الحروف بالنسبة لعلاقة الشرطة بالمواطنين وعلاقة ضباط الشرطة بأنفسهم، الجميع فى خندق واحد والوضع العام لا يسمح بأن تكون هناك حالة احتقان بأى درجة بين المواطنين والشرطة، وأتمنى بمناسبة عيد الشرطة المقبل أن يكون هناك تطور إيجابى فى علاقة الشعب والشرطة ولا يعتبر المواطنون أن الحصول على يوم إجازة جديد هو أكثر أحلامهم التى ممكن أن تتحقق على أيدى رجال الشرطة.

كاتب صحفى بالأهرام





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة