كتبت من قبل- وعن قناعة كبيرة- أن بعض تعليقات القراء على ما أكتبه تعطينى زادا معرفيا ونفسيا، ومن أصحابها أكتسب قيمة أن فى مصر ووطننا العربى رجال مؤمنون بأن الأمل فى الغد كبير، وأنه لا فكاك من أن نكون مجبرين على الأمل حتى نستطيع على الأقل عيش الحياة رغم ما تحمله من آلام.
وفى سياق تناول تعليقات لقراء على ما أكتبه أتوقف عند تعليق كتبه قبل أيام المهندس يحيى عبد العال من شبرا مصر، على مقالى: "مسلمون مسيحيون فى بناء السد العالى"، والذى ألهمنى لكتابته القارئ الذى يعرف نفسه بـ"عصام الجزيرة".
ذكرنا المهندس يحيى عبد العال بوجود مجلد ضخم عن قصة بناء السد العالى كتبه المهندس صدقى سليمان، وضمن ما يشمله المجلد دور المشير عبد الحكيم عامر متمثلا فى طلبه تأمين تصميمات السد حتى تكون قادرة على مواجهة أى اعتداء عسكرى، وكذلك طلبه نقل محطة الكهرباء، وقال إن المجلد موجود فى مكتبة وزارة الرى.
وطالبنى المهندس يحيى عبد العال بإلقاء الضوء على مشروع منخفض القطارة، وقال إنه ليس مشروعا لتوليد الكهرباء كرؤية المهندس الألمانى صاحب فكرة المشروع، وإنما هو مشروع تنموى زراعى وصيد أسماك، وكهرباء لطاقة نظيفة.
تحريض المهندس يحيى عبد العال ذكرنى بلقاءات سابقة كنت أحرص عليها فى نهايات الثمانينات من القرن الماضى فى مطلع حياتى الصحفية مع الراحل العظيم مجدى حسنين أحد الضباط الأحرار، ورائد مشروع مديرية التحرير التى تعد أكبر مشروعات استصلاح الأراضى التى قامت بها ثورة يوليو عام 1952، وفى إحدى هذه اللقاءات أمدنى الرجل بكتيب صغير عن مشروع منخفض القطارة يشمل تاريخه وفوائده التنموية الصغيرة، وخلاصته أنه من المشروعات التى بدأ الاهتمام بها منذ عام 1913، ثم جمال عبد الناصر فى عام 1959 ثم أنور السادات عام 1973، ويقوم المشروع على أساس شق مجرى مائى ينقل مياها من البحر المتوسط إلى المنخفض الذى يصل عمقه إلى 145 مترا، وبإسقاط هذه المياه فى المنخفض يمكن توليد كهرباء نظيفة قدرها خبراء بـ80 مليار كيلو وات فى السنة، وثروة سمكية وزراعة 20 مليون فدان كمرحلة أولى وعمران جديد وسياحة متميزة.
وأضاف مجدى حسنين إلى الفكرة بعدا جديدا وهو: إذا كنا سنجلب مياها من البحر إلى المنخفض، لماذا نكتفى بتوليد الكهرباء من سقوطها؟ لماذا لا نعظم الفائدة بتحلية هذه المياه أيضا واستخدامها فى الزراعة المنظمة وإقامة مجتمع متكامل فى خمس مساحة مصر، وردت وقتها أكاديمية البحث العلمى على اقتراحات مجدى حسنين بالموافقة.
ورغم أن هذا الكلام دار فى عام 1958، ثم اهتم به الرئيس السادات فى عام 1973، وتم إحياء الحديث عنه فى عام 2005 من خلال مذكرة رفعها الدكتور يوسف والى نائب رئيس الحزب الوطنى.
وفى ضوء الحديث الجارى عن دخول مصر عصر الطاقة النووية للأغراض السلمية، لا أعرف إذا كان الكلام عن مشروع منخفض القطارة يمثل أهمية خاصة أن مكانه المقترح أيضا هو منطقة الضبعة التى يجرى الحديث بشأنها الآن عن أنها ستكون مكان المحطة النووية، والأمر متروك فى هذا المجال للمتخصصين، وليتهم يدلون بدلوهم فى ذلك.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة