منذ يومين طرحت سؤالا وقلت وأنا غرقان فى حالة من اليقين أن لا إجابة له، ثم طرحت تفسيرا بسيطا كان مجرد اجتهاد من عقل يائس ومحتار..
السؤال كان يتعلق بالبحث عن تفسير منطقى لموقف النظام المصرى من قطاع غزة؟ لماذا الجدار الفولاذى ولماذا يمنع قوافل الإغاثة الأجنبية؟ ولماذا يضايق الجمعيات الأهلية والنقابات التى تحاول تنظيم قوافل غذائية لغزة؟ ولماذا لا يفتح المعبر بعد أن يتخذ كافة الضمانات التى تكفى للحفاظ على سيادة مصر التى يتحجج بها السادة المسئولون كلما حدثناهم عن الحق والعدل والحرية والتضامن مع الآخر؟.. مجمل السؤال فى آخره كان يقول لماذا لا يرحم النظام المصرى أو يترك رحمة القوافل الأجنبية تنقذ أطفالهم؟..
هذا كان السؤال، أما التفسير البسيط الذى حاولت تقديمه فكان يدور حول أن موقف النظام المصرى من قطاع غزة ليس موقفا سياسيا متعمدا بقدر ماهو هواية يعشقها النظام الذى يحكم مصر منذ 29 سنة .. يصنع الأوجاع نعم.. يشارك فى صناعة الآلام جايز..يقهر مواطنيه ويطعمهم منتوج الصرف الصحى والصرف الصناعى أكيد.. يتجاهل الغلابة والمطحونين سواء كانوا محاصرين بين تلال القمامة والفقر والجهل فى بولاق اسطبل عنتر والدويقة وكفور الصعيد أو بين جدار إسرائيل العازل وجداره الفولاذى شئ مؤكد جدا وبالدلائل الحية!
هذه كانت محاولة التفسير البسيطة لموقف مصر مما يحدث فى قطاع غزة، وموقف النظام الحاكم من قافلة شريان الحياة .. وأرجوكم اشطبوا هذا التفسير تماما واعتبروا وكأنى لم أكتبه وكأنكم لم تقرأوه.. لأننى عثرت على التفسير الحقيقى للأمر كله.. بعد لحظات تأمل للاشتباك الذى حدث فى العريش بين أعضاء قافلة شريان الحياة ورجال الأمن المصرى ..
الأمر باختصار يا جماعة وعذرا للكلمة .. أن هذا النظام قليل الأدب ليس فقط لأنه أغلق منافذ الرحمة فى وجه الغزاوية، وليس فقط لأنه اعتدى على أجانب جاءوا وقطعوا آلاف الأميال لتقديم مساعدة كان أولى بنا وبالنظام أن نفعلها.. ولكن لأنه بالفعل نظام قليل الأدب بالمعنى الحرفى بالكلمة والمسألة تحتاج فقط ذاكرة قوية ..لتسترجع معها شريط طويل من الذكريات تبدأ بتصريح "اللى هيعدى حدود مصر هنقطع رجله" تلك الكلمة الشهيرة التى صرح بها وزير الخارجية الدكتور أحمد أبو الغيط بعد أن اقتحم الأخوة الغزاوية معبر رفح بهمجية مرفوضة قطعا، ولا يمكن للجوع حتى أن يبررها، وتنتهى بكلمة لرجل النظام نبيل لوقا بباوى قالها على الهواء مباشرة لعبد الحليم قنديل بعد أن جمعتهما الجزيرة على الهواء مباشرة للحديث حول الجدار العازل فى محاولة رخيصة للاصطياد فى الماء العكر قدمها لهم رجل نظام الرئيس مبارك على طبق من ذهب، حينما شتم عبد الحليم قنديل وقال له "انت راجل وسخ" آسف لذكر الكلمة ولكن هكذا قال رجل الحكومة ورجل النظام وأثبت للعالم كله حقيقة النظام المصرى..
مثلما فعل بطرس غالى منذ عدة أيام وشتم المواطنين قائلا أنه "هيطلع دين اللى يخلفوه".. فهل هناك قلة أدب أكثر مما سمعته؟. دعنى أكسر خجلك وأخبرك أن والله هناك وأنهم سبقوا وضربوا بعض بالجزم واستخدموا الشرف كأداة ابتزاز ولفقوا سيديهات وأطلقوا شائعات تنتهك أعراض.
ثم تعال هنا عزيزى القارئ.. هل هناك قلة أدب أكثر من أن تترك 40% من الشعب المصرى تحت خط الفقر، هل هناك قلة أدب من أن يتم حبس المواطنين فى الشوارع بظروفهم وأمراضهم حتى يمر الوزير؟، هل هناك قلة أدب أكثر من هدم المنازل على الفقراء والأطفال بحجة تنفيذ قرارات إزالة فجائية ؟ هل هناك قلة أدب أكثر من تجاهل حاجة أهل غزة لتلك المساعدات التى تقف فى ميناء العريش عندا فى حركة حماس أو أى أحد أيا كان اسمه ونوعه ومدى غضب النظام عليه؟.. حدود معلوماتى عن تعريف قلة الأدب تؤكد لى أنه لا يوجد شىء أفضل مما سبق يمكننا أن نعرف به مصطلح "قلة الأدب" بكل تنويعاته.. أيها السادة الأفاضل مثلما لا تندهشوا من تصرفات أشقياء حارتكم والمسجلين الخطر .. أرجوكم لا تندهشوا أبدا من تصرفات النظام المصرى حتى لا تمنحوهم شرفا لا يستحقونه، لأن اندهاشكم يعنى أنكم كنتم تأملون منهم الخير..فخذلوكم!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة