يحمل فيلم ثرثرة فوق النيل بصمة الأديب الكبير نجيب محفوظ الروائية بصورة كبيرة، بالرغم من تصريحاته بأنه ليس مسئولا عن الأفلام التى قدمت عن رواياته.
والفيلم الذى أبدعه المخرج الموهوب حسين كمال عام 1971 وشارك فيه عدد كبير من الفنانين، منهم أحمد رمزى وسهير رمزى وميرفت أمين وعماد حمدى وماجدة الخطيب وعادل أدهم وصلاح نظمى وأحمد توفيق ونعمت مختار، يعد فى وجهة نظر الكثير من المهتمين بالشأن الثقافى واحدا من أبرز الأفلام فى تاريخ السينما المصرية، ويدور الفيلم حول حالة الضياع التى كان يعيشها المجتمع المصرى بعد هزيمة 67 من خلال لغة حوار بديعة نسجها ببراعة ممدوح الليثى وتخلل الفيلم لقطات تحمل بعضا من الإثارة فى رأى البعض، ولهذا لا يعرض الفيلم فى قنوات التليفزيون المصرى، والمحطة الوحيدة التى عرضته كاملا سينما 2 على أوربت.
وقبل أيام فوجئت بقناة الحياة تنوه عن عرض الفيلم فى سهرتها الأولى، وخلال الفترات الأخيرة نجحت شبكة تليفزيون الحياة فى أن تحتل مكانة مرموقة جدا لدى المشاهد المصرى والعربى، وأصبح تعبير الحياة الحمرا والحياة الزرقا شائعا فى كثير من منازلنا، ويحق للقائمين عليها أن يتباهوا بما حققوه من نجاح بغض النظر عن الخسائر المالية الفادحة، ولم يقتصر نجاح الحياة على مصر فقط بل امتد للخارج، فكنت فى زيارة قصيرة إلى لبنان وسألتنى الإعلامية المعروفة مها سلامة عن قناة الحياة وهل هى مصرية فعلا لأنها تختلف من حيث الشكل عن كل القنوات المصرية الأخرى، وطلبت منى أرقام القائمين على القناة لتهنئهم على تميز شكلها.
قفز هذا الحوار إلى ذهنى وأنا أستعد لأشاهد ثرثرة فوق النيل على الحياة الزرقا، وللأسف الشديد كانت صدمتى شديدة جدا فى الحياة التليفزيون والإدارة، حيث وجدت أن هناك من استخدم مشرطا حادا بهدف تطهير الفيلم من بعض مشاهده وهو ما آلمنى بشدة، وبالتـأكيد آلم كل عاشق للسينما والفن ولحرية الإبداع، ومن يحترم مجهود الآخرين، و ما أحزننى بشدة ليس الفيلم فقد شاهدته كاملا مرات عدة بل المبدأ، فهل استسلمت قنوات الحياة لنفس المبدأ الذى تحاول فرضه القنوات السعودية بعرض الأفلام بعد دخولها مشرحة التنظيف، وهل ستسقط الحياة أسيرة للفكر الوهابى الذى سيطر لسنوات على قنوات الأفلام؟
أتمنى من كل قلبى أن يكون ما حدث مجرد خطأ غير مقصود من قنوات الحياة تجاه صناع هذا الفيلم العظيم وتجاه محبى السينما والمؤمنين بحرية التعبير، وأدعو الحياة للتكفير عن هذا الخطأ بإعادة عرض الفيلم كاملا بدون حذوفات وأن تتبنى فى المستقبل القريب شعارا يضيف لها ولا يفقدها جمهورها، إما أن تعرض الأعمال كاملة أو لا تعرض أصلا فذلك أفضل بكثير.
* كاتب صحفى بالأهرام
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة