لا يختلف اثنان على أن ما حدث بنجع حمادى يعد دربا من دروب الجنون، ولم يحكمه إلا الطائفية البغيضة التى نبذتها كل الأديان، ولم أتصور حتى الآن كيف يجرؤ إنسان على إهدار دماء الأبرياء، خاصة وإن كانوا فى مكان عبادة، ويحتفلون بفرحة العيد، وبالتأكيد أن من أقدم على هذا العمل الجبان لم يراجع ضميره ودينه ولو للحظة.
لقد حثنا الإسلام على حسن التعامل مع أهل الكتاب وشركاء الوطن، وأكدت آيات القرآن هذه المعانى، حيث قال ربنا الكريم فى محكم التنزيل {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} كما قال ربنا {ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى}، بل أمرنا رسولنا الكريم بحسن التعامل وقال "من آذى ذِمِّياً فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة" بل نهى صلى الله عليه وسلم عن التعرض لمن يتعبدون فى كنائسهم فى حالة الحرب، فما بالكم بإخواننا وشركائنا فى الوطن ورفقاء دربنا.
وبذلك يتضح لنا أن ما حدث لا يمت للدين من قريب أو بعيد، بل وبعيد كل البعد عما تربينا عليه كمصريين، فكلنا تعودنا على الاحتفال بالأعياد الدينية الإسلامية والمسيحية سويا، فكم من أسرة مسيحية شاركت أسر إسلامية إفطار رمضان، وكم من أسرة مسلمة خرجت للتنزه مع أسر مسيحية احتفالا بعيد الميلاد.
لقد أصابنى الحزن بسبب فقدان الوطن شبابا أمثال أبانوب كمال ودينا حملنى ورفيق رفعت وأيمن زكريا وبولا عاطف وبشوى فريد، وأمين الشرطة أيمن هاشم سيد، فقد اغتال الغل الطائفى دماء هؤلاء الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى أنهم يحبون مصر بمسلميها ومسيحييها.
كما أحذر الجميع من أن ينزلقوا لهذه الهوة الطائفية باسم الدين الذى هو من هذه الأحداث براء، بل لابد أن ننزه مقدساتنا عن الزج بها فى مثل هذه الأحداث، فالذين مزقوا المصحف وكسروا الصليب يزجون بالوطن فى نيران ستحرق الجميع، فعلينا جميعا أن نحكم العقول ونتصدى بكل قوة لمن يريدون تدمير الوطن، ويتلاعبون بأمن واستقرار مصرنا الحبيبة.
كما علينا جميعا أن نجلس جلسة مكاشفة، لنضع أيدينا على مواطن الاحتقان ونبادر بإيجاد الحلول الفورية التى تنجينا جميعا من المتربصين بنا كمصريين مسلمين ومسيحيين، بل علينا أن نترفع بالدين عن الأحداث الفردية التى تنشب بين الحين والآخر بين أبناء البلد الواحد، ولا نجعلها تحت مظلة الفتنة الطائفية التى ستهلك الجميع ، كما علينا أن نقاوم بكل ما أوتينا من قوة المتطرفين لدى الطرفين، فالتطرف أعمى لا يفرق بين الصواب والخطأ، وجريمة يرتكبها الأغبياء الذين لا يفرقون بين الحق والباطل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة